الديوان » لبنان » أحمد فارس الشدياق » الحق يعلو والصلاح يعمر

عدد الابيات : 111

طباعة

الحق يعلو والصلاح يعمر

والزور يمحق والفساد يدمر

والبغي مصرعه ذميم لم يزل

آتيه عرضة كل سوء يثبر

والوغد تبطره من النعم التي

يغنى بها الحرّ الكريم ويشكر

طغت الطغاة الروس لما غرَّهم

في الأرض كثر سوادهم وتجبروا

كادوا ويرجع كيدهم في نحرهم

فطُلاهم دون القواضب ينحر

المعتدون ولا نهى تنهاهم

الظالمون القاسطون الفجّر

نقضوا العهود وكان ذلك دأبهم

لؤماً وللعدوان بغياً أضمروا

حتى أرى بعض المآثر رأسُهم

بخس الحقوق وساء من يستأثر

أيظن أن الدولة العليا السويد

وإنّه هو بطرس المتأخر

كلاّ ليرتدعنَّ ثم ليعلمنّ

أن ربَّها من يبتغيها يثأر

يا مسلمون تثبّتوا إن جاءكم

نبأ عن الروس العدى وتبصّروا

لا يغررنَّكم كثير جموعهم

فالحق ليس يضيره المستكثر

يا مؤمنون هو الجهاد فبادروا

متطوعين إليه حتى تؤجروا

هذا جهاد الله يحمي عرضكم

فاسخوا عليه بكل علق يُدخر

في لَنْ تنالوا البر حتى تنفقوا

مّما تُحبون الدليل الأظهر

وتمسكوا بالعروة الوثقى من ال

صبر الجميل على القتال وذمّروا

يغنيكم التكبير والتهليل عن

أن تعملوا فيهم سلاحاً يبتر

فالقوهم بهما كفاحاً تظفروا

وعليهم صولوا وطولوا وانفروا

واغزوهم بحراً وبراً واحشدوا

ركباً وفرسانا ونسرهم انسروا

لو لم يكن منكم سوى نفر لما

غلبوا فكيف بكم وأنتم أكثر

من كل فتاك إذا اعترضت له

يوماً شعوب ... يُدمر

انتم عباد الله حقاً فاعبدوا

للدّين فهو بكم يعزّ ويجبر

واحموا حقيقتكم فحفظ ذماركم

فرض عليكم ليس عنه تأخر

غاروا على الإسلام حتى ترفعوا

أعلامه فلكم به أن تفخروا

لا تسمع الأجراس في أوطانكم

بدل النداء ولا ينجس منبر

وليسمعن اليوم في أرجائكم

قرع القوانس بالظبى أو تخدروا

فلذاك أشجى من غناء مطرّب

بمسامع القوم الذين به ضروا

لكن يد الله القوية معكم

توليكم أيداً فلن تتقهقروا

ما أن يقاويكم بهم من عسكر

لو أن ملء الأرض طراً عسكر

قد قال في الذكر المفصل ربكم

حقاً علينا نصرهم فتذكروا

ما الله مخلف وعده لعباده

إن هم بعصمته اتقوا واستنصروا

قد كان مولاكم وهاهو لم يزل

وزراً لكم أيّان كنتم يخفر

ولربما شرعوا الرماح عليكم

لكن على إنفاذها لن يقدروا

لن يعمل البتّار إلا أن يشا

ءالله ما شيء سواه مؤثر

والنار منهم إن يُرد إطفاؤها

برد فلا تلظى ولا تتسعّر

وإذا يشاء يثلّ عرشهم فلن

يستقدموا عنه ولن يستأخروا

غاروا على حرم مخدرة لكم

قد طالما أُحْصنَّ عمن يعهر

أيقودهن اليوم علج فاجر

وسيوفكم بدمائهم لا تقطر

ولئن يكن نجسا ورجساً مسها

فبخوضها قد حلّ أن تتطهروا

الصبر محمود ولكن حين تن

تهك المحارم لا أرى أن تصبروا

لا خير في عيش يقارف ذلّة

حاشاكم أن تفشلوا أو تدبروا

شهد الإله بأنه مولاكم

ونصيركم فبحمده فاستظهروا

والله قد وعد المجاهد منكم

فتحاً مبيناً في الكتاب فأبشروا

ويبوّئ الشهداء خير مبوّإِ

جنات عدن ملكها لا يغبر

الحرب بينكم سجال فاثبتوا

والنصر عقبى أمركم فاستبشروا

في أهل بدر عبرة لكم ألاَ

يا قوم فليتذكر المتذكر

أبْلُوا ليرضى ربكم عنكم فمن

أبلى فعند اللائمية يعذر

كم بين من يأتي القتال تطوعاً

ومسخر كرها عليه يجبر

يقتاده ويسوقه مولى له

فظ زنيم غاشم متغشمر

ويبيعه لو شاء للنخاس مع

ولد له وبزوجه يتسرّر

لا عرض يمنعهم ولا كرم لهم

يثنيهم في الناس عن أن يفجروا

يتترعون إلى الفواحش حيث مع

أهل المحامد فاتهم أن يذكروا

وكذا الطغَّام إذا عدتهم مدحة

ودّوا بأية شهرة أن يشهروا

سعدوا ولكن ربَّ سعد ذابح

للفائزين به إذا لم يشكروا

ولعل نسرهم المدوم واقع

فمن الهلال علاه ضوء يبهر

لن يفلح العاثون ما عاشوا ولا ال

عاتون ما رغدوا ولن يتيسروا

أو لم يعوا ما جاءهم عمن طغى

من قبلهم بطراً وأنى دُمروا

أم يعجزون الله إذ يملي لهم

عن أن يغار لقومه أن ينصروا

أو أن يمدهم بجند لا ترى

وبمنشئات مُخَّرٍ لا تبحر

لو أن تخرمهم وهم مرحون في

أمن رخيو البال ريح صرصر

أو يرسل الطير الأبابيل التي

قد أهلكت أمثالهم لا كُثِّروا

ما كان عبّاد البعيم ليغلبوا

قوما على "إيّاك نعبد" تحشر

من كان يُرضي الله خالص سعيه

في الناس فهو بكل خير يجدر

من لم يصخ أذناً لنصح وليّه

ركب الضلال ولم يُفده المنذر

من أبطرته نعمة المولى عتا

عسفاً وغشمرة يَمِينُ ويغدر

من لم تكن تغنيه قسمة رزقه

فإذا اشرأب إلى الزيادة يخسر

من يتكل سفها على جند له

دون الإله يحق به ما يحذر

من ظن أن يقوى بقوة بأسه

وسلاحه وذويه فهو مغرَّر

من غالب القهار عاد مخشيا

مستضعفاً وكلا يُذل ويقهر

من سرَّه في يومه كفرانه

وافاه في غده العذاب الأكبر

من كان يوماً راغباً في عاجل

عن آجل أودي به ما يؤثر

من كان من بين الورى سلطانه

عبد المجيد فإنه لمظفر

سلطاننا الأسمى الذي سعدت به

أيامنا وزهت فدته الأعصر

نشر العدالة في البلاد فكلنا

مستأمن في ظله مستبشر

ولكلّ جيل في ممالكه يد

منه وآلاء تعمّ وتغمر

ما أن عداهم عدله وأمانه

سيان هم إن أعسروا أو أيسروا

إنا إذا أتخذ العدى طاغوتهم

ربَّاً لنأتمر الذي هو يأمر

لسنا نروم بغير طاعته إلى ال

رحمن من زلفى ولا نتخير

كلاّ ولا في غير خدمتنا له

عرض وإخلاص لنا وتبرّر

كفر المبايع غيره والمعتدى

بغياً وطغياناً عليه أكفر

من ذا يحاكيه عُلىً ومناقبا

ومن الذي فَضْلى حلاه ينكر

لو أنه اقترح الوجود تحكماً

ما زاد فيها غير ما نتنظر

من جوهر الإخلاص صوّر ذاته

رب قدير كيف شاء يصور

ولاه أمر الدين والدنيا معاً

فهو الإمام الحاكم المتأمر

وهو الذي بين الملوك مقامه ال

أعلى يكرم هيبة ويوقر

وهو الذي بين العباد محبب

ومعظم ومبجل ومعزر

يستدفعون الضر فيهم باسمه

وعلى المنابر حمده المتكرّر

إن قال لم يستثن مما قاله

أحد وإن يفعله فهو مخيَّر

ليس الفرنج مشايعي أعدائه

ما هم لهم حزب ولاهم معشر

أفمن يكون على هدى من ربه

كغوي استهواه جبت منكر

أم من له الخلق الكريم يقاس بال

نكد اللئيم جبلة وينظَّر

أم يستوي في العرف والإمكان من

يهب الجزيل ومن يشح ويضمر

أيه أمير المؤمنين ومن دعا

أيه أمير المؤمنين فقد سرُوا

سد بالمعالي فائقاً كل الورى

مجدا وشانئك البغيض الأبتر

وسعت عوارفك العميمة سؤلنا ال

أقصى وما بالبال منا يخطر

حتى لقد كلّت خواطرنا بما

اقترحت وأنت منفّل لا تضجر

نطق العيي بفرض مدحك مفصحاً

حتى الجماد يكاد عنه يعبرّ

ولقد أضاء الكون مجدك كله

حتى استوى في العمي والمبصر

نظر الطغاة إليك نظرة حاسد

فتجرعوا مضضاً بها وتحسروا

إن يجلبوا فالله ما حق جيشهم

أو يمكروا فالمكر ربك أكبر

إن المحال من المحال إذا جرى

بخلاف طيّته وحق مقدر

ما كان جمعهم سوى كسف هبت

والشمس ليست بالهباء تستر

ليست فروق لغير عرشك وهي ما

بقيت على الفرقان ليست تقفر

أنت الذي بمديح وصفك تنجلي

عنا الهموم وأفقنا يتعطر

وتصحّ أحلام الأماني في غد ال

لاّهي بها والدهر أنكد أعسر

ما إن يفي نظم اللآلئ مدحة

لك باللهى من سحب كفك تنثر

لم يبق ما بين الورى من ناطق

إلاّ وعن آلاء فضلك يخبر

حرس الإله جنابك الأعلى ولا

زالت عبادك في حماه تخفر

وأدام دولتك العلية ما سرى

نجم وما زخرت كجودك أبحر

أنشدت تاريخين هجريّين في

ختمي مديحك وهو حظي الأوفر

عبد المجيد الله أركى ضده

سلطاننا خير بجد ينصر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد فارس الشدياق

avatar

أحمد فارس الشدياق حساب موثق

لبنان

poet-ahmad-faris-alshidyaq@

207

قصيدة

65

متابعين

أحمد فارس بن يوسف بن منصور الشدياق. صحفي لبناني من مواليد سنة 1804م،في قرية عشقوت (بلبنان)،وأبواه مسيحيان مارونيان سمياه فارساً عالم باللغة والأدب، ورحل إلى مصر فتلقى الأدب من علمائها، ...

المزيد عن أحمد فارس الشدياق

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة