و أشرب صوتها فيغوص من روحي إلى القاع و يشعل بين أضلاعي غناء من لسان النار يهتف سوف أنساها و أنسى نكبتي بجفائها و تذوب أوجاعي و أشرب صوتها فكأن ماء بويب يسقيني و أسمع من وراء كرومه و رباه ها ها هو ترددها الصبايا السمر من حين إلى حين و أشرب صوتها فكأن زورق زفة و أنين مزمار تجاوبه الدرابك يعبران الروح في شفق من النار يلوح عليه ظل وفيقة الفرعاء أسود يزفر الآها سحائب من عطور من لحون دون أوتار و أشرب صوتها فيظل يرسم في خيالي صف أشجار أغازل تحتها عذراء أواها على أيامي الخضراء بعثرها وواراها زواج ليت لحن العرس كان غناء حفار و قرعا للمعاول و هي تحفر قبري المركوم منه القاع بالطين و أذكرها و كيف ( و جسمها أبقى على جسمي عبيرا منه دفئا غلف الأضلاع ) أنساها أأنساها أأنسى ضحكة رعشت على لحمي و أعصابي و كفا مسحت وجهي برياها قساة كل من لاقيت لا زوج ولد و لا خل و لا أب أو أخ فيزيل من همي و لكن ما تبقى بعد من عمري و ما الأبد بعمري أشهر و يريحني موت فأنساها
بدر شاكر السياب ولد في محافظة البصرة في جنوب العراق (25 ديسمبر 1926 - 24 ديسمبر 1964)، شاعر عراقي يعد واحداً من الشعراء المشهورين في الوطن العربي في القرن العشرين، ...