بغداد مبغى كبير لواحظ المغنّية كساعة تتكّ في الجدار في غرفة الجلوس في محطّة القطار يا جثة على الثرى مستلقية الدود فيها موجة من اللهيب و الحرير بغداد كابوس ( ردى فاسد يجرعه الراقد ساعاته الأيام أيامه الأعوام و العام نير العام جرح ناغر في الضمير ) عيون المها بين الرصافة و الجسر ثقوب رصاص رقشت صفحة البدر و يسكب البدر على بغداد من ثقبي العينين شلالا من الرماد الدور دار واحدة و تعصر الدروب كالخيوط كلّها في قبضة ماردة تمطّها تشلّها تحيلها دربا إلى الهجير و أوجه الحسان كلهنّ وجه ناهدة حبيبتي التي لعابها عسل صغيرتي التي أردافها جبل و صدرها قلل و نحن في بغداد من طين يعجنه الخزّاف تمثالا دنيا كأحلام المجانين و نحن ألوان على لجها المرتجّ أشلاء و أوصالا بالأمس كان العيد عيد الزهور الزاد تحثوه الربى و الخمور و الرقص و الأغنيات و الحب و الكركرات ثم انتهى إلا بقايا طيور تلتقط الحبّ و إلاّ دماء مما نماه الحقل طير وشاء و غير أطفال يطوفون أور العيد من قال انتهى عيدنا فلتملأ الدنيا أناشيدنا فالأرض ما زالت بعيد تدور بالأمس كان العيد عيد الزهور و اليوم ما نفعل نزرع أم نقتل أهذه بغداد أم أن عامورة عادت فكان المعاد موتا و لكنني في رنّة الأصفاد أحسست ماذا صوت ناعورة أم صيحة النّسغ الذي في الجذور
بدر شاكر السياب ولد في محافظة البصرة في جنوب العراق (25 ديسمبر 1926 - 24 ديسمبر 1964)، شاعر عراقي يعد واحداً من الشعراء المشهورين في الوطن العربي في القرن العشرين، ...