الديوان » العصر العثماني » نقولا النقاش » حياة المرء في الدنيا منام

عدد الابيات : 51

طباعة

حياة المرءِ في الدنيا منامُ

سواءٌ طال أو قصر المقامُ

وأكثرها وأن صافتك كربٌ

وحال صفائها يرد القتامُ

ودون نعيمها أبداً شقاءٌ

ودون دوامه الموت الزؤامُ

حيوة تجلب الأكدار طبعاً

وهل في دار أكرارٍ سلامُ

حيوة دابها غدرٌ ومينٌ

وهل يرجى بغدَّارٍ ذمامُ

ننام بوسط أجفان الرزايا

وأجفان الرزايا لا تنامُ

حيوةٌ عُلّقت في خيط قطنٍ

يدانيهِ ليقطعهُ حسامٌ

فما عجبٌ إذا ما الموت وافى

بل الإعجاب أن تحيا الأنامُ

وأعجب منهُ إنسانٌ جهولٌ

يسير كما لو امتنع الحِمامُ

ترفق أيها الساري بنفسٍ

فما خلقت لتحطمها الحطامُ

براها اللّه للفردوس عرساً

فما دار الشقاء لها مقامُ

فلا تربط فؤادك في شقاها

ولا تشغلك خودٌ أو طعامُ

وذق من خمر حب اللّه للفردوس صرفاً

حذارِ بأن يخالطها مدامُ

وودع واترك الأهليين واهتف

على الدنيا ومن فيها السلامُ

كذامات السليم الشاب لهفي

عليهِ كلما سجع الحمامُ

كذامات الذي بالأمس كنا

بطلعتهِ نهيم ولا نلامً

قضى يا ويلتي في بئس يوماً

وقد نفذت بمهجتهِ السهامُ

فحلَّ السهم عمداً في حشاه

ولم يمنعه حلٌّ أو حرامُ

وضامته أيادي الموت ضيما

وما عهدي السليم كذا يضامُ

ولم ترفق بصبوتهِ المنايا

ولم تحفل بطلعتهِ الهوامُ

أناديهِ سليم ولم يجبني

وعهدي فيه غواثٌ همام

أغصنٌ أخضرٌ ألقاه قصفاً

هواءٌ أصفرٌ فيهِ الحِمامُ

وأندبهُ أيا بدراً ولكن

يحجَّبهُ ثراب لا غمامُ

تلألأ نوره بالشرق حتى

بسوق الغرب ماجاه الظلامُ

فتى في فضلهِ إلا دبا أفرت

وما في ذاك خلفٌ أو خصامُ

وآثار الدهور لهُ شهودٌ

لنذكر فضلهُ ما مرَّ عامُ

لقد حاز الكمالُ وكل فضل

وزينهُ بمولاه اعتصامُ

لذا ما راعه روع المنايا

كذا من يتقي المولى ينامُ

فتىً لاقى المنية بابتسام

وقد ندبت شبيبتهُ العظامُ

سلامٌ أيها الساري سلامٌ

سلامٌ يا منى عيني سلامُ

إلا صبراً بني الخوري جميلاً

كما صبرت على الضر الكرمُ

وان عظيم البلا وغدا جموحا

فان الصبر للبلوى لجامُ

فقدكم لعمر أبى عزيز

لذلك بالعزا عز الكلامُ

بذا حكم الإله ولا مرد

زكوةٌ أو صلوة أو صيامُ

يراع أو دفاع أو خداع

حسام أو سهام أو صدامُ

وغير الصبر والتسليم طيش

وحاشا أن تعابوا أو نلاموا

وعهدي يا خليلي فيك شهم

صبور حاذق فطن همامُ

فما بالي أراك تصب دمعاً

لهُ في الخد خد وانسجامُ

كذا الأرض الفسيحة فيك ضاقت

ولم يخطر بجفنيك المنامُ

وما بال النواح كساك سقما

وما أدراك ما يجني السقامُ

وتشرق بالدموع ولا بماءٍ

وتأنف كلما حضر الطعامُ

كأني فيك لا تصغي لنصحٍ

وحاشا أن يوافيك الملامُ

وما بالي أبُّثك خير نصح

وأنت لنا المهذّب والأمامُ

تذكر هل يفيد الندب شيئاً

وهل في النوح قد تحيا العظامُ

وهل نرجو سلامة من فقدنا

إذا ما شُق جيبٌ أو لثامُ

فلو بالدمع للموتى حيوةٌ

لا جريناه بحراً فيهِ عاموا

ولكن لا حيوة لمن تنادي

وحكم اللّه ليس بهِ كلامُ

وأن كان الفقيد لكم عزيزاُ

كذلك بالسماءِ لهُ مقامُ

ففي دار النعيم غدا مقيما

يقابل دمعنا منهُ ابتسامُ

وحسبك ذكره قد كان دوماً

حميد الخُلق ما فيهِ ملامُ

ومبدأه ومخلصهُ سليمٌ

وآخر عمره مسكٌ ختامُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن نقولا النقاش

avatar

نقولا النقاش حساب موثق

العصر العثماني

poet-niqula-al-niqash@

80

قصيدة

18

متابعين

نقولا إلياس نقاش ,أديب وصحافي لبناني، ولد سنة 1825م، في بيروت ويعتبر من رجال القانون في العهد العثماني، عمل بالتجارة بين عامي 1859-1868. ثم انتدبته الدولة موظّفًا في ...

المزيد عن نقولا النقاش

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة