هذه هي الحفلةُ التنكريّةُ: المريضانِ يتكاتفانِ في المقاومة، إذ أن برقَ الخلايا شقيقُ سحابةِ الدم، فكأن السّيدةَ التي بجواري هي السيدةُ التي على الشاشة يضربُها التضادُ والكُرَيَّات. في هذا المربّع المعتم تكسَّر القناعُ على القناعِ، فهل أنا البطلُ أم المتفرجُ؟ المريضان يتكاتفان في المقاومة، وهنا حِصَّةُ القرينِ في قبالةِ القرين، حيث في هذا الظلام المفتضَح تقلِّدُ الحياةُ شاشةً فضيّةً فتسحُّ الدموعُ التي بجواري من جراء حَبّكةِ الدراما، وتسحُّ حبكةُ الدراما من جرّاء الجروح التي تتساقطُ بين أقدامِ مشاهدَيْن يقفزان من الكاميرا باعتبارهما صُنّاعَ كارثةٍ. هذه هي الحفلةُ التنكريّةُ: حيث يصطكُّ القناعُ بالقناعِ، وحيث راقصاتُ الباليه يبلغنَ ذروةَ التوهّج إذا كان الورمُ انتشارياً كالحضارات. هذه الفتاةُ التي تحوِّلُ العذابَ إلى عذوبةٍ بفعل ليونةِ المونتاجِ والخَصر، هي التي تقبعُ جنبَ شقيقها القطّ في خزانةِ البامبو، قبالةَ الملصق الذي خططتُه قبل مرثيّةِ الأصابع. أنتِ عديدةٌ يا بنتَ سيّد: تارةً في توتّر البلاتوه، وتارةً تحت الُّدُّش، وتارةً في ممرّ المصحّةِ الطويل تعلمِّين شخصاً كيف يخطو على خطٍّ مستقيمٍ من مربّعاتِ البلاط. يا بنتَ سيد: لم نفاضلْ بين السَّحابةِ واللوكيميا فكلتاهما شهابٌ جميلٌ، ولم نفاضلْ بين الأساسيين والكومبارس، لأن انكسارَكِ كان بؤرةَ السيناريو. هذه هي الحفلةُ التنكريّةُ، فيا صاحبةَ نقرةِ الإصبع: أأنت التي في موسيقي أم كلثوم، أم التي تضعين في شراب الدُّوم ملعقتيْن من عسلٍ أبيض؟ ويا صاحبةَ نقرةِ الإصبع: أنا امتحانُكِ الحَرِج.
حلمي سالم شاعر وناقد مصري ولد سنة 1951م, يعتبر من ابرز شعراي مصر المعاصرين في السبعينات.
حصل على ليسانس الصحافة من كلية الآداب بجامعة القاهرة، وهو صحفي بجريدة الأهالي التي تصدر ...