بصوت :
أَضَعْتُكِ فِي الْبَحْرِ،
فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ.
كُنَّا نُحَاوِلُ تَرْتِيبَ ذَاكَ الْمَكَانِ الَّذِي وَرِثْنَاهُ عَنْ جَدِّنَا!
طَوَيْنَا الشِّرَاعَ لِكَيْلَا تُبَعْثِرَهُ الرِّيحْ..
وَالرِّيحُ طَاحُونُةُ التَّائِهِينَ.
وَحِينَ هُزِمْنَا، تَوَهَّمْتُ أَنَّ الطَّرِيقَ إِلَيْكِ عَلَى بُعْدِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
طَوَيْتُ الزَّمَانَ إِلَى نُورِ عَيْنَيْكِ
وَكَانَتْ خَطَايَا الْبِلَادِ تَدُورُ... وَتَعْوِي.
أَضَعْتُكِ حِينَ تَرَكْتُ النُّجُومَ الَّتِي أَرْضَعَتْنِي
وَكَانَ رَحِيلِي هُرُوبًا مِنَ الشَّوْكِ وَالْخِدْمَةِ الْعَسْكَرِيَّةِ.
تَرَكْتُ الْقِلَاعَ لِمَنْ سَيُسْقِطُهَا.
وَأَنْتِ لِمَنْ كَانَ يُحِبُّكِ كَالْمَوْتِ مُخْتَفِيًا،
مُنْتَظِرًا خَطًّا وَاحِدًا... فِي كِتَابِ الْقَدَرِ.
اسْمُهُ، يُوَاطِئُ اسْمِي وَلَكِنَّهُ لَيْسَ أَنَا.
وَأَنْتِ... أَمَا زِلْتِ أَنْتِ؟
أَيُحِبُّكِ حَقًّا؟
أَتُحِبِّينَهُ...؟!
أَتَقْتَسِمِينَ الْمَسَاءَ مَعَ الْوَرْدِ فِي قَلْبِهِ؟
وَتَنْتَظِرِينَ عَلَى مَهَلٍ حَمَاقَاتِهِ...
مِثْلَمَا كُنْتِ تَنْتَظِرِينَ انْفِجَارِي؟
وَتَبْتَسِمِينَ بِمَكْرٍ فَأَصْحُو سَرِيعًا
لِأُغَيِّرَ مَجَرَى حَرِيقِي وَنَارِي.
وَعِطْرُكُ ذَاكَ الْخُرَافِيُّ؟
أَيَمْنَحُهُ هُدْنَةً فِي الْبِدَايَةِ...
وَوَعْدًا بِبَعْضِ الْأَمَانِ؟
ثُمَّ يُفَاجِئُهُ لِيَأَخُذَهُ لِلسَّمَاوُاتِ...
وَيُبَعْثِرُ أَنْفَاسَهُ فِي جَحِيمِ الْمَكَانِ وَغَيْبِ الزَّمَانِ،
لِمَاذَا تَذَكَّرْتُ عِطْرَكِ؟
مَنْ قَالَ إِنِّي نَسِيتُهُ!
يُقَابِلُنِي فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْبَيْتِ وَجْهًا لِوَجْهٍ
وَيَعْرِفُنِي،
وَلَكِنَّهُ يَمْضِي إِلَى شَأْنِهِ دُونَ أَيِّ اهْتِمَامٍ
يُبَاغِتُنِي فِي مَنَامِي..
وَيُغَادِرُ وَجْهِي لِيَطِيرَ إِلَى جِهَةِ الْقَلْبِ حَيْثُ غُصُونُ الْحَمَامِ.
أُحَاوِرُهُ... وَأُنَاوِرُهُ،
أُحَاوِلُ إِقْنَاعَهُ أَنْ يُفَارِقَنِي بِسَلَامٍ،
وَلَكِنَّ عِطْرَكِ مِثْلُكِ أَنْتِ تَمَامًا
قَوِيٌّ... أَنِيقٌ.. عَنِيدٌ
عَصِيٌّ عَلَى الْفَهْمِ...
مُقْتَصِدٌ فِي الْكَلَامِ.
أَضَعْتُكِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِي يَوْمُنَا
فَأَخَذْتِ مِنَ الشَّمْسِ لَوْنَ ضَفَائِرِهَا..
وَمِنَ الْفَجْرِ وَرَدَ الْخِزَامِ.
وَلَوَّحْتِ سَاعَتَهَا... أَرَاكَ قَرِيبًا.
وَلَمْ نَلْتَقِ سِوَى صُدْفَةٍ فِي الزِّحَامِ.
11 أيَّار/مَايُو 2021
24
قصيدة