بَغْتَةً يَفْتَحُ الشُّهَدَاءُ تَوَابِيتَهُمْ..
يَفْلِتُونَ مِنَ الْغَيْبِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الطَّرِيقِ.
يَطْلُبُونَ قَلِيلًا مِنَ الْمَاءِ.. سِيجَارَةً..
حَبَّةَ الْأَسْبِرِينِ الَّتِي سَتُدَاوِي صُدَاعَ الْهُدُوءِ الْعَمِيقِ.
***
سِنِينًا وَلَيْسَ لَهُمْ غَيْرُ صَمْتِ النِّهَايَاتِ فِي زَحْمَةِ الْأَرْضِ،
ثُمَّ لَا يَذْكُرُونَ سِوَى آخِرِ الطَّعَنَاتِ.. آخِرِ الصَّفَعَاتِ.. آخِرِ الطَّلَقَاتِ.
يَعِيشُونَهَا كُلَّ يَوْمٍ عَلَى وَقْعِ أَقْدَامِنَا فَوْقَهُمْ.
بَغْتَةً.. يَخْرُجُونَ مِنَ الْمَوْتِ.
يَرْفَعُونَ أَصَابِعَهُمْ..
وَاحِدًا.. وَاحِدًا.
يَدُورُونَ حَوْلَ الْبُيُوتِ الَّتِي لَمْ تَنَمْ سَاعَةً،
يَفْتَرِشُونَ الشَّوَارِعَ فِي صَمْتِهَا،
وَالْحِكَايَاتِ بَيْنَ شِفَاهِ الْخَلَائِقِ،
حَتَّى تَعُودَ الْمَلَامِحُ ثَانِيَةً لِلْوُجُوهِ النَّحِيلَةِ.
يَبْتَدِعُونَ حُرُوفًا تُنَاسِبُ أَصْوَاتَهُمْ..
لُغَةً تَسْتَعِيدُ الشُّمُوسَ الَّتِي هَجَرَتْ ظِلَّهَا بَعْدَهُمْ.. وَاسْتَرَاحَتْ.
هَهُنَا يَشْرَبُونَ فَنَاجِينَ قَهْوَتِهِمْ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ.
وَيَقْتَسِمُونَ الْعِشَاءَ الَّذِي تَأْكُلُونَ،
بَعْدَ أَنْ يُطْفِئُوا نَجْمَةً فِي الْعُيُونِ.
سَاعَةُ النَّوْمِ حَلَّتْ
وَنَحْنُ نُقَلِّمُ أَظْفَارَ بَغْدَادَ،
نُمَشِّطُ شَعْرَ الْحِكَايَاتِ فِي ظِلِّهَا الْمُتَوَجِّسِ.
نَرْمِي بِأَسْمَائِنَا فَوْقَ أَسْفَلْتِ بَابِلَ،
وَالثُّكْنَاتُ الْغَرْيبَةِ.
نَسْتَنْطِقُ الْوَرْدَ حَتَّى يُجِيبَ،
فَمَاذَا تُرِيدُونَ فِي سَاعَةِ الْفَجْرِ؟
أَيُّهَا الْغُرَبَاءُ، احْتَمُوا بِالْجِدَارِ الْأَخِيرِ،
وَنَامُوا عَلَى وَقْعِ أَصْوَاتِنَا.
قَادِمُونَ مِنَ الْمَاءِ، مِنْ لُجَّةِ الْمَاءِ.. نَقْطِرُ مَوْتًا وَعَافِيَةً،
فَانْظُرُوا مَا تُرِيدُونَ مِنَّا.
يُمَزِّقُنَا النَّهْرُ بَيْنَ هَجِيرِ الرَّصَاصِةِ فِي الصَّدْغِ،
وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى قَامَةِ اللَّيْلِ.
مَاذَا تُرِيدُونَ؟
24
قصيدة