مَعَ الَّذِينَ يَغِيبُونَ فِي كِلِّ يَوْمٍ
نَشْرَبُ كَأْسًا مِنَ الشَّاي
نُنَاقِشُ أَخْبَارَ هَذَا الْمَسَاءِ.. قَلِيلًا
وَنُدَخِّنُ سِيجَارَةً تَحْرِقُ الرِّئَتَيْنِ قَلِيلًا.
عِنْدَ الْغُرُوبِ نَسِيلُ إِلَى النَّهْرِ.
نَصْطَفُّ تَحْتَ قَنَادِيلِهِ
وَنُرَاقِبُ كَيْفَ تَمُوتُ الْفَرَاشَاتُ
مَأْخُوذَةً بِالضِّيَاءِ الَّذِي يَتَمَوَّجُ مِثْلَ رَذَاذِ الْمَطَرْ.
قَالَ أَصْغَرُهُمْ: هَكَذَا مُتُّ،
رَأَيْتُ ضِيَاءً فَمَشِيتُ إِلَيْهِ كَأَنِّي أَسِيرُ عَلَى غَيْمَةٍ!
وَلَمْ أَنْتَبِهْ إِلَى أَنَّ قَنَّاصَةً فَوْقَ سَطْحِ الْبِنَايَةِ كَانُوا يُشِيرُونَ نَحْوِي..
فَسَقَطْتُ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ غَيْمَتِي.
وَمَعَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ
نُرَاقِبُ أَصْحَابَنَا.. مَنْ سَيَسِيرُ إِلَى حَتْفِهِ غَاضِبًا
مَنْ سَيُهَاجِرُ..
مَنْ سَيُقَامِرُ..
وَمَنْ سَيُغَامِرُ فِي مَرْكَبٍ لَيْسَ يَصْلُحُ لِلْمَوْتِ فِي الْبَحْرْ.
قَالَ أَجْمَلُهُمْ: سَأَمُوتُ غَرِيقًا.
وَإِنْ كَانَ قَبْرًا..
إِذَنْ فَلْيَكُنْ وَاسِعًا
يَكْفِي لِطَاوِلَةٍ لِلْكِتَابَةِ
وَمِدْفَأَةٍ فِي الْجِدَارِ
وَنَافِذَةٍ تَطُلُّ عَلَى الْعَدَمِ..
لَا شَيْءَ يَمْنَعُنَا لِنَحْلُمَ بَعْدَ هَذَا الْعُمْرِ..
نُرِيدُ لَنَا وَطَنْ.
وَطَنًا وَاقِفًا عَلَى قَدَمَيْنِ مِنَ النَّارِ وَالْمَاءِ
لَا يُغَنِّي إِذَا سَارَ إِلَى الْحَرْبِ يَوْمًا
بَلْ يُوَدِّعُ أَغْصَانَهُ بِجَلَالِ الْإِلَهِ وَحُزْنِ الْيَتِيمِ.
وَطَنًا لَا يَسِيرُ إِلَى مَوْتِهِ رَاضِيًا.
لَا يُبَدِّلُ يَوْمَ غَدٍ
بِأَمْسٍ بَعِيدٍ
وَلَا يُبَدِّلُ شَمْسًا بِسِوَاهَا.
وَطَنًا إِذَا مَاتَ فِيْهِ إِلَهٌ تَجَسَّدَ فِيْهِ التُّرَابُ إِلَهًا.
هَكَذَا تُوضَعُ الْكَلِمَاتُ عَلَى أَسْطُرٍ فِي الْحِكَايَةِ
لِتَسْقُطَ ضِمْنَ السِّيَاقِ الرِّوَائِيِّ
وَلَا تَتَحَرَّرُّ إِلَّا بِمَوْتِ الْمُؤَلِّفِ.
يَسْتَدْرِكُ الْبَعْضُ..
رُبَّمَا سَيَعُودُ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ
لِيُكَوِّنُوا سِيَاقًا جَدِيدًا،
وَقَابِلِةً فِي وِلَادَةِ أَرْضٍ يُسَيِّجُهَا النَّحْلُ
وَيَنْبتُ فِيهَا الْمُغَنُّونَ وَالْعَاشِقُونَ وَأَطْفَالُهُمْ.
24
قصيدة