عدد الابيات : 44

طباعة

قلَّ صبري على زمانِ ألدِّ

وخُطوبٍ ألبَسَنْنَي غيرَ بُردي

وتقاليدَ لا تطاقُ وناسٍ

لا يُجيدون غيرَ لُؤمٍ وحِقْد

آنست مَنْ معي قوافٍ حِسانٌ

سوف تبقى أُنْسَ الشجييِّن بعدي

حملتْ همَّهُمْ ورُحْتُ غريباً

عنهمُ حاملاً هموميَ وحدي

أفرَشوني شوكَ القتاد وخصُّوا

بالرياحين كلَّ جِبْسٍ ووَغْد

وزَوَوْا كلَّ ما أودُّ احتكاراً

وأتوني بكل ما لم أودّ

وأجالوا أفراسَهُمْ في مَلاهٍ

ضربوا بينها وبيني بِسُدّ

ثم قالوا صفِ الحياةَ بلطفٍ

رغمَ أنَّ الحياةَ تجري بضدي

كيف يسطيعُ رسمَ شَكلِ المسرّاتِ

نزيلٌ في غرفة مثلِ لَحْد

تائه في حياته ليس يَدري

أيُّ بابٍ إلى السُّرورِ يُؤدّي

قد وصفتُ الشَّقاءَ أروعَ وَصفٍ

من بلاءٍ وخبرةٍ مستَمَدّ

وأرَيْتُ الناسَ الحياةَ جحيماً

قاذفاً أنْفُساً لطافاً بوقْد

فأروني رفاهةً ونعيماً

لأُريكم تصويرَ جنةِ خُلْد

صدماتُ الزمانِ تُبْقي خدوشاً

في أصَمٍّ من الجلاميدِ صَلدْ

أفتنجو من هذه الغَيرِ السودِ

خلايا دمٍ وقطعةُ جِلد

أكلتْ قلبيَ الهمومُ وهدّت

كلّ حولي واستنزفتْ كلَّ جهدي

فتراني وليس غيرُ اطِّلابٍ

لكفافٍ من المطاليبِ عندي

بدلاً من تقلُّبي في نعيمٍ

سابغ الظلِّ ذي أفانينَ رَغْد

هذه العيشةُ الرفيهةُ لا عركُ

زمانٍ ملآنَ بالنحس نَكْد

ما عسى تبلُغُ القناعةُ من نفس

طروبٍ لغيرِها مستعِد

أين من تستثيرُ طبعي بهزاتِ

التصابي منها وتقدَحُ زندي

من تشكي الغرامِ والوجدِ إني

ذو احتياج إلى غرامٍ ووجد

قد سئمتُ الجفافَ في العيش لارشفةُ

ثغرٍ ولا نعومةُ خدّ

وردةٌ من حديقةِ الشعرِ أُهديها

إلى مطعمي بقطفةِ ورد

ليس عندي أعزّ ُ منها وحسبي

أنني خيرُ ما تملكتُ أُهدي

اشتهي عُلْقةً بحبلِ غرامٍ

أوْجدِيها ولو بكاذبِ وعد

لست ادري فربّما كان نحسي

في غرامي وربّما كان سعدي

غيرَ أنيّ أُحسُّ أنَ شعوراً

تستفزينه بُقربٍ وبُعد

لا تَشِحّي ولا تجودي ولكنْ

اتركيني ما بين جَزْر ومَد

ثم قولي هاكَ الذي تبتغيه

ثم لمّا أقولُ هاتيه رُدّي

لوحةٌ مالها نظيرٌ وقوفُ العاشقِ

الصبِ بينِ أخذٍ وردْ

لا لأجلي لكنْ التّلهي

بقوافي حرّكي بعضَ وَجْدي

أَولا ترغبين أن يَتَغّنى

بمعانيكِ مُعْجَباً كلُّ فرد

رُبَّ جسمٍ يَبْلى به عبقريٌّ

لا يرى عن تَصْويرِهِ من مَردّ

حاشدِ الذهنً بالصبابةِ يأتي

من ضُروبِ البيان فيها بحشْد

وتراه عَفْوَ القريحةِ يَخْتارُ

أناشيدَ تُعْجِزُ المتصدِّي

سَهُلَتْ فهو مثلُ سيلٍ تَجارى

في مسيلٍ دَمْثٍ يُعيد ويُبدي

يَلمِسُ الشيخُ في قوافيه بُقيا

أثَرٍ من شبابهِ المسَتَردّ

ويُعيدُ الصِبا إليه وبلقى

في مريرِ الذكْرى حلاوةَ شُهْد

فهو يُسْدي إلى الوجودِ جميلا

وهو لولا الغَرامُ ما كانُ يُسْدي

ولقد تَضْمنُ البداعةَ في الفنِّ

وتخليدهِ بضاضةُ زند

ما عرفنا دعدّيةً تتصّبى

كلَّ نَفسٍ لولا تحكُّمُ دَعْد

لا جفافُ الحجاز أضرمَ تلك الروحَ

فيها ولا خشونةُ نجد

هي إلهامةٌ يَنِزّ لها الحبُّ

على الشاعرينِ من غير قَصْد

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

2363

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة