عدد الابيات : 46

طباعة

أبرزتُ قلبي للرماة معرَّضا

وجلوت شعري للعواطف مَعرِضا

ووجدتُني في صفحةٍ وعقبيها

متناقضاً في السُخْط مني والرضا

أبرمتُ ما أبرمتهُ مستسهلاً

ان حانَ موعِدُ نقضِه ان يُنقَصا

ونزلتُ منه على الطبيعة منزلاً

الفيتُني فيه على جَمر الغَضا

متجانياً عن خير مَن أبغَضتَهُ

ولشرِّ من أحببتُه مُتعرَّضا

ومدَحْتُ من لا يستحقُّ وراقَ لي

تَكفيرتي بهجائِه عما مَضى

ووجدتُني مُستصعِباً إطراءَ مَن

أطريتُه بالأمسِ طَوعاً ريِّضا

وحَمِدت أني عبدُ قلبي ما اشتهَى

أن ينثني بوِدادِه أو يُمحَضا

وحمدت من هذا اللسان سُكوتَه

حتى يُحرِّكَه الفوآدُ فينبضا

فوَّضتُه وحَمَلت ألفَ مصيبة

من أجل أن راح الفوآدُ مفوَّضا

نافقتُ إذ كان النفاق ضريبةً

متحرِّقاً من صَنعتى مترمِّضا

ولكم قَلِقتُ مسهَّداً لمواقفٍ

حَكَمت عليَّ بأن أداري مُبغِضا

ولَعَنت ربَّ الشعر فيما اختار لي

وبما قَضى ، ولَعَنت أحكامَ القَضَا

وصَدَعت فيها بالصراحة مَرةً

زمراً تُجوِّدُ ان تقولَ فتُغمِضا

ولقد حَدَوت بأصغَريَّ ليُمليا

ما يطلُبان على اليراع ويَفرِضا

غَلَبَ السرورُ فشعَّ رونقُ بعضِها

وخبا رُواءُ الأخرَيات فغُيِّضا

واسوْدّ بالنِيات سوداً خاطرٌ

ومَشَى على البعضِ الصفاءُ فبيَّضا

وخلا فجفَ من العواطف بعضُه

وزها بها بعضٌ فرفَّ وروَّضا

وأتى على عفوٍ فصحَّ نسيجُه

بعضٌ وبعضٌ بالتكلف أمرَضا

وضَحِكت من تشبيهِ ما استعجَلتهُ

بالسَقْط أعجله المخاض فأجهَضَا

ووجدتُ في أثنائها رَجعيَّةً

طَفَحَت وكنت لها الدوَّ المُبغِضا

ولكم تبينت الجمودَ مُجسَّماً

في بعض ما قد قلتُه مستنهضا

ولقد حَسِبت مُصارحاً مُتخلِّعاً

في مؤنساتٍ قلتُهن مُعرِّضا

فوددتُ لو أنّي استقيتُ تَرفُّهاً

فيها استَقَيتُ من المجونَ تَبرُّضا

وأنفِت من هذي الطبيعة حرةً

يعاتقُها التدليسُ أن تتمخَّضا

وخِشيتُها مكبوتةً لتحفُّزٍ

كالليثِ أرهَبُ ما يُري أن يربِضا

وعَجبِتُ ممن لستُ أبلغُ شأوَه

في الموبقات توغُّلاً وتعرُّضا

عَبَّرتُ في الإحماض عن شهواته

ومضى عفيفاً مُنكِراً أن أُحمِضا

وكشفتُ عن هذي الطبائع ثوبَها

وبسطتهنَّ حريصةً أن تُقبَضا

فإذا بها الحشرات تسكن جيفةً

مستورةً ، والخزيُ ان تَتَنفَّضا

ورأيتها ملأَى بكل رذيلةٍ

تجري مع العرق الخبيث تحرُّضا

فإذا استثار الشعرَ بعضُ صفاتها

شوهاءَ ؛ اوجعَها البيانُ وأمعَضا

واستثقلت كشفي لهُنَّ ، ولذَّ لي

كوني على ما استَثْقَلتْه مُحرَضا

ووجدتُ في هَتكِ الرياء مخاضَةً

وحَلفت أبرحُ ما استطَعت مخوِّضا

وأعادَت الذكرى إليَّ أليمةً

لما انبريتُ بجمعِها مستعرِضا

فهنا التي أطريتُ فيها خُلَّباً

كَذِباً خُدِعِتُ ببشره إذ أومَضا

اعطيتُه قلبي يفيضُ عواطفاً

حتى إذا عَلقَت حبالٌ أعرَضا

واستامَني للمرجفين دريئةً

يهدي إليها شامتا او مُغرِضا

حتى إذا كشَّفتُ عن غَدَراته

قالوا تقلَّبَ ناقداً ومقرِّظا

وهنا التي فاضت بجرح ناغِرٍ

مَضَت السنونَ الجارحاتُ وما مضى

وهنا التي فتَّشتُ عن شَبحٍ لها

فذا به مثل الخِضاب وقد نضا

سيسوء بعضاً ما أرى إثباتَه

ويسُرُّ بعضاً ما أرى ان يُرفَضا

ومزيَّتي وهي الوحيدة أنني

جاريتُ طبعي في الكثير كما اقتضى

وجعلتُ آخرَ ما يمرُّ بخاطري

تفكيرتي ان يُجتَوى او يُرتَضَى

ولعلَّ احسنَ ما به من صالحٍ

عن شرِّ ما فيه يكونُ معوِّضا

وهناكَ دَينٌ للبلاد قضاءُه

حتمٌ عليَّ ، وقد اعيشُ فيُقتَضَى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

2363

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة