عدد الابيات : 52

طباعة

رُدُّوا إلى اليأسِ ما لم يَتَّسع طَمَعا

شَرٌّ من الشرِّ خوفٌ منه ان يقَعا

شَرٌّ من الأمَلِ المكذوبِ بارقُه

ان تحمِلَ الهمَّ والتأميلَ والهَلَعَا

قالوا " غدٌ " فَوَجَدتُ اليَومَ يفضُلُه

و " الصبر " قالوا : وكان الشَهمُ من جَزعاً

ولم اجدْ كمَجالِ الصَبرِ من وَطَنٍ

يَرتادُه الجُبْنُ مصطافاً ومُرتْبَعَا

وأنَّ من حَسَناتِ اليأس أنَّ له

حَدّاً ، اذا كَلَّ حَدُّ غيرهُ قطَعَا

وأنَّه مُصحِرُ الارجاءِ لا كَنَفاً

لمن يَلَصُّ ولا ظِلاً لمنْ رَتعا

وَجَدْتُ أقتَلَ ما عانَت مصايُرنا

وما التَوَى الشَيبُ منه والشَبابُ معا

أنَّا رَكِبِنا إلى غاياتِنا أمَلاً

رَخواً إذا ما شدَدْنا حَبلهُ انقطعا

نسومُه الخَسْف ان يَطوي مراحلَنا

وإن تشَكَّى الحَفَا ، والأينَ ، والضلعا

هذا هو الأمَلُ المزعومُ فاقتَرِعُوا

واليأسُ أجدَرُ لو انصَفْتَ مُقتَرعا

اليأسُ أطعَمَ بالأشْلاءِ مِقصَلةً

عَدْلاً وطوَّحَ " بالبستيل " فاقتَلَعا

وطارقٌ منه اعطَى النصرَ كوكَبُه

نَزْراً وعَدَّى إلى الاسبانِ فانَدفَعَا

يا نادِبينَ " فِلَسطينا "وعِندَهُمُ

عِلْمٌ بانَّ القضاءَ الحتمَ قد وَقعا

كم ذا تُلحُّون ان تَستَوقِدوا قَبَساً

من الرَمادِ ومِمَّن ماتَ مُرتَجَعا

كَفَى بما فاتَ مما سميت " املا "

من " الحُلول " التي كيلتْ لكُم خُدعا

جيلٌ تَصَرَّمَ مذ أبْدَى نَواجذَه

وعدٌّ لبلفورَ في تهويدِها قَطعا

نَمَا وشَيبَّ بأيدي القَوم مُحتَضنَاً

ومن ثُدِيِّ النتاج المَحضِ مُرتَضعا

والساهرونَ عليه كلُّ " منتخَبٍ "

يبني ويهدِمُ ، إن اعطى وان مَنعا

تهوِي " العروشُ " على أقدامهم ضَرَعا

وتحتمي ساسةُ الدنيا بهم فَزَعا

وعندَنا ساسةٌ سؤنا لَهُم تَبَعاً

ذُلاً ، وساؤوا لنا في الهدي مُتَّبعا

من كل مُرتَخَصٍ إن عبَّسَت كُرَبٌ

او كشَّرَ الخطبُ عن شدقيهِ فاتَّسَعا

ردَّ المصيبةَ بالمنديلِ مفتخراً

مثلَ الصبايا – بانَّ الجفن قد دَمعا

او عابث ٍ من فِلَسطينٍ ومحنتِها

ألفى مَعيناً ، فالقى الدَلوَ وانتزَعا

او سارقٍ لا لقَعر السِجنِ مَرجِعهُ

لكنْ إلى الجاهِ وَثّاباً ومُرْتفِعا

شَدُّوا بذيل غُرابٍ امَّةً ظُلِمَت

تطيرُ ان طارَ او تَهوي إذا وقَعَا

وَخوَّفوها بـ " دُبٍ " سوف ياكلُها

في حين " تسعون عاما " تألفُ السَبُعا

وضيَّقوا أفقَ الدنيا باعينِها

مما استجدُّوه مِن بغيٍ . وما ابتُدعا

و اودَعوا لغلاظٍ من " زَبانيةٍ "

حَمْقى حراسة قِرطاسٍ لهم وُضِعا

وذاك معناهُ أنْ بيعوا كرامَتكُم

بيعَ العبيد بتشريعٍ لكم شُرِعا

يا نادبينَ فلسطيناً صدعتُكُمُ

بالقول لا مُنكَراً فَضْلاً لكم صَدعا

ولا جَحوداً بان الليلَ يُعقبه

فَجرٌ تفجَّّرُ كمه الشمس مُطَّلَعا

ولست أنكِرُ أن قد قارَبَتْ فُرَصٌ

واوشكت مثقلاتُ الدَهر ان تَضَعا

لكن وَجْدتُ القوافي تَشْتَكي عَنتاً

والمنبرَ الحُرَّ يشكو فَرطَ ما افترعا

إن تحمَدوا او تذُمُّوا أنَّ شافعتي

أنّي رأيتُ ، وما راءٍ كمَن سَمِعا

مررت بالقوم " شُذّاذاً " فما وقعت

عيني على مُستمنٍّ غيره ضَرعا

ولا بمُلْقىً واهليه بقارعةٍ

ولا بحاملة في الكُور مَن رضَعا

ولا بمن يحرِس " الناطورُ " ارجلَهُم "

مهروءة سَهَّلت للكلب منتزَعا

وعندنا " سِلعةٌ " تُصفي البنينَ لنا

نُغلي – ونُرخصها – في الأزمة السِلعا

وجدتُها عندَهم زهواً منورةً

البيتَ ، والبحرَ ، والاسواقَ والبِيَعا

بينا تُراقص بالانغام صاحبَها

اذا بها تُوسِع ( الالغامَ ) مُزدَرَعا

ونحن ما نحن قطعانٌ بمَذْأبَةٍ

تساقَطت في يدَي رُعيانِها قِطَعا

في كل يومٍ " زعيمٌ " لم نجدْ خَبَراً

عنه ، ولم ندر كيف اختيرَ واختُرِعا

اعطاهموا ربُّهم فيما اعدَّ لهُم

من الولائم صَفّوا فوقَها المُتَعا

كأسَينِ ، كاساً لهم بالشُهد منزعةً

وللجماهير كأساً سَمُّها نَقَعا

قتالةً خوف ان لا تُستَساغَ لهم

اوصاهُمُ ان يُسَّقَوهم بها جُرَعا

وان يَصُبّوا عليها من وُعودِهُمُ

كالشِعر مكتمِلا – سهلاً ومُمتنِعا

من ذا يرُدُّ لنا التاريخَ ممتلِئاً

عِزاً وإن لم نُرِدْ ردّاً ومرتَجَعا

كانوا يذمُّون ( ربّاً ) بالعصا قُرِعا

ويغضَبون لأنفٍ منهم جُدِعا

ويبعثَون قِتالاً أنَّ " قُبَّرةً "

ضيمَت وأن " بَسوساً " ذيلُها قُطِعا

وكانَ من فتْحِ عمّوريةٍ مَنَعت

حُماتَها حَوَّمَ العقبان أنْ تَقَعا

نداءُ صارخةٍ بالرومِ " معتصِماً "

لم يألُ ان ادركَتْها ( بُلْقُه ) سَرعَا

حميَّةٌ لو اخذناها ملطَّفةً

بالعلم طابَت لنا رِدءاً ومُدَّرَعا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

2341

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة