أذكره من ندبةٍ سوداء،َ كانت كالوسامْ على جبينه تُضيءْ! تذهلني رؤيتُها، كانت تهزّ خافقي فيولد الربيعُ في عينيَّ، يُومض البريقْ، وفي دمي يعربد الحريقْ، وفي حقول روحي كانت تنضج عناقيدُ الغضب! كان الجبينُ ما أزال أذكرُ يطاول السحابَ، يرنو للنجوم، كانت فيه كبرياءْ، حدّثني يوماً وكان دائماً حديثُه حزينا عن الأشراف حين يُقتلون غيلةً! في ظلمة الدروبْ عن الأنذال حين يخطفون كسرةَ الرغيفِ من أفواه الصغار المعدمينْ، حدّثني بحرقةٍ عن المدينة التي تعجّ باللصوصِ والسكارى، والنساء المومساتْ حدّثني وكان يُحسن الحديثَ عن نقاوة الضميرِ، والشرفْ عن الأبطال حين يشربون كأسَ الموت في شموخْ ويبصقون في احتقارٍ، لعنةَ الخضوعِ، والهزيمه، وكان قد أسمعني أشعارا كتبها بدم حبّه للشعبْ كتبها من ذوب ما يقول القلبْ حروفٌ كالربيع، كالرصاص، كانت كالشجاعه! تمجّد الأطفالَ، والحمامَ، والنضالْ والحبَّ والحياةَ للجميع والغِنا في كلّ فمْ وكنتُ عندما أصغي وأرشف الحروفْ يخضلّ في قلبي بكاءٌ كالمطرْ لأن تلك الأحرفَ البسيطه وميضٌ من دمي،، لأنها ككلّ ما أحبْ من عالمي لأنها سلاحيَ الوحيدْ كنت أسير طائعاً، وكانت أحرفُهْ هديةَ الحياةِ لي أنا الغريبُ ابنُ طريقِ الحقّ والضياءْ وغاب عني صاحبي وضاع في مدينه أُخبرت أنها تمصّ من دم الرجال فجرَها وأنها تمدّ للمراوغ الجبان صدرَها وأنها تطعن قلبَ الطيبين الوادعينْ بخنجرٍ ملوّثٍ بلعنة السقوطْ، وغاب عني صاحبي وضاع في تلك المدينه ظننتُ أنه سيفضح اللصوصَ، والكلاب في أوكار الخداعِ، والجرائم المروّعه ظننتُ أنه يتابع المسيرَ،،، ريثما تدقّ ساعةُ الزحفِ الأكيدْ وغاب عني،، ضاع في الزحامْ،، في مدينةٍ تلوّث الرجالْ! يا عارَنا الكبير،، يا يا صديقَنا القديمْ حرامٌ أن تخونَ الشعرَ، والرفاقَ، والصغارْ طعنتَهم بخنجرٍ أمدّكَ اللصوصُ به ألقفتَهم كلماتٍ تُخجل الرجالْ أكلتَ خبزَهم، شربتَ شايَهم أحبّكَ الصغارُ، والكبارْ أهكذا أهكذا خدعتَنا يا يا صديقَنا المزيّفَ القديمْ!؟ تُرى أما يزال الجرحُ يبدو كالوسام في الجبينْ؟ ترى أما تزال الكبرياءُ تشرب النجومْ؟ ترى أما يزال النذلُ يخطف الرغيفَ من أنامل الصغارْ؟ ترى ترى أما تزال تُحسن الحديثَ في نقاوة الضميرْ؟ يا عارَنا خسئتَ! يا صديقَنا المزيفَ القديمْ!
أحمد الجوماري شاعر مغربي،ولد في مدينة الدار البيضاء سنة 1939م.
التحق بكلية ابن يوسف بمراكش، غير أنه لم يكمل دراسته، فانقطع عن الدراسة عام 1956 التحق بالتعليم الإعدادي تابع تكوينه الثقافي ...