للحزن ثمة كوّة ٌ للذكريات غيومها للراحلين على رمال الروح ِ أطلالٌ تبوح تخومها للعابرين َ بسرّ هذا الصمت ِ لكن ّ الحروف تفرّ من كلماتها وتهوم في وهج الرمال ِ تذوبُ تشربها السماء ُ فيشرئب ُّ الليل في قسماتها . للحزن ثمة فسحة ٌ للذكريات عنانها للراقصين على جراح القلب ِ سكّين الخطى ولهم حرير الروح ِ .. / لي ما سوف يبقى من رماد الوعد ِ أنثره على قبر ٍ تدلّى من عروق القلب ِ تجثو حوله الأيام ُ ثكلى .. مُتعَبَة . للحزن ثمة ساحة ٌ للذكريات فضاؤها للقائمين على حدود القلب ِ طعم ُ أواخر الدمع المعلّق في حواشي العين ِ إذ فرغ البكاء من اعتصار الغيمة السوداء ِ في كبد السماء ِ ، وغامت الأشياء ُ وانهدَّ المساءُ على شفا عتباتها . // للحزن هذا البحر يمنح موجَهُ ، شُدّوا الشراع َ فإن ّ شاطئه تبرّأ من ركام الأقنعة // للحزن ثمة أغنية رقصت على أنغامها أطياف من حملوا إليك الرمل َ وافترشوا نجيل الروح ِ ثم .. ترحّلوا . للحزن ثمة دورة ٌ : يأتي يلقّح تربة الأشياءِ يسكن رحمها يمتدُّ في أعماقها فَرَحاً قصير العمر ، محروق َ الأصابع (كحكاية ) : ضحِكَت .. تشظّت .. كشّرت .. برقت .. رقت .. رفعت.. وفينا أورقت .. صرخت .. هوت .. خفضت .. بكت .. ومضت .. بأخضرها ويابسها .. ومنّا أفلتت.. أخذت .. وأبقت .. واستبدت .. ثم .. بانت .. ثم .. بادت .. ثم .. غيض الماء .. وانسدلت حجب . حزن ٌ.. بحجم الكون ، يحسد بقعة ً ضوئية ً ، سقطت هنا سهوا ً وضاعت بين ذرّات الرمال فيحوم حول حوافها الخجلى ويحرمها الهواء يغتال رقّتها .. يلونها .. يلولبها .. يلوثها .. ويشلع من بقاياها بقيتها : خبَت .. خفتت.. تفتّتَ ما فلت .. شهَقَت وشقَّت في خلايا الذاكرات ِ لها طريقا ً .. ثم .. بانت .. ثم ّ بادت .. ثم ّ دبَّ الصمت ُ .. وانكشف الغضب . الآن.. وحدك .. طافح ٌ رملا ً وتشرب ما تبقّى من ندى الصمت المعتّق ِ في حصى الأشياء حولك الآن .. وحدك ينشقُّ عنك الركب ُ ، تغزلك الرمال على لظاها مُفرَداً للشمس قد أسلمت َ وجهك الآن .. وحدك .. توقظ الأشياءُ صمتك يصطفيك الحزن قدّيساً .. تمارس فيه طقسك : ياااااااا رَكبَهُم .. لمّا توهَّجَتِ السماء بنا وأَشعَلنا الأُفُق لما انصهرنا في عذاب الحرف ِ واحتفَلَت بنا الطرق لما احترفنا الرقص في ليل الفجيعة فوق أكداس الورق ياااااا رَكبَهُم لما تهاوت حولنا تلك الشهب ثم استباحوا شتلة الزيتون في قلبي وتحرروا من حبهم .. ورَسَفت ُ في حبي يا رَكبَهُم إني كفاني أنهم عبروا .. ومرّوا بي هل كان يكفيهم .. إذن .. صلبي ؟؟!! يا رَك .. ب َ .. هُ .. م ... أنا كتلة الألم المضرج بالعذاب ، أشقُّ أستار الليالي عن زهور العمر داستها السّنون سلّمت ُ زنبقة الفؤاد إلى رياح ٍ لا تلين وطحنت ُ روحي في رحى الأيام ِ ، أنثرها على درب الحياة ِ ، هديّة ً للسائرين وطن ٌ .. أنا .. لي كبرياء الدمع ، لي حزني المغيّبُ في ابتساماتي ولي فرحي بميلاد القصائد في قلوب المتعبين وطن ٌ .. أنا .. لا حد َّ لي غير ُ ابتدائي أمتدُّ غابات ٍ من الأحزان تنبُتُ من دمائي وَسِعَت شقاء َ اللائذين َ بها وأغضَت عن شقائي وطن ٌ .. أنا .. لي أنهري ، وظلال غاباتي ، ولي بحري ورمل شواطئي ، لي صمت ُ صحرائي , ولي أنغام واحاتي ، ولي شمسي وغيمي ، لي سمائي ، لي لياليَّ المليئة بالعَتابا .. لي .. فصولي الأربعة ولكل ِّ من عبروا الحياة َ إليَّ ..جنّاتي ومغفرة ٌ ولي من بعدهم .. أصداء ُ لحن ٍ صيغ َ من حُبٍّ وزنبقة ٍ وبحر ٍ غادرته الأشرعة !!
نزار عوني اللبدي،كاتب وشاعر أردني. ولد في الحسينية من محافظة الكرك.
سنة 1957م.أنهى دارسته الثانوية في الكلية العلمية الإسلامية بعمان 1969، حصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال عام 1973 من الجامعة ...