كساقيةٍ فوقَ هذا اليبابِ
تفيضُ بِدهرٍ منَ الصَّمْتْ.
تُقاسِمُكَ الرِّيْحُ وحشتَها والمَدى
والعيونَ اللَّواتي اشترينَكَ
من ألفِ عامْ.
أتيتَ وقد فَسَدَ المِلْحُ،
لَمْلَمَتِ الأرضُ أطرافَها للرَّحيلِ
وبَحْرٌ تَجَرَّعْتَهُ
مَوْجَةً مَوْجَةً
باعَ زُرْقَتَهُ في الظلامْ.
تدورُ وعيناكَ نافِذَتانِ
تَجوبانِ هذا الفَراغَ،
وقَلْبُكَ نافِذَةٌ للقَمَرْ.
أُناديكَ،
يابَدَويَّاً تَغَرَّبَ في جِلْدِهِ
لمْ يََعُدْ في الزَّمانِ المُسافِرِ
مُتَّسَعٌ للبَقاءِ
ولا مَوْضِعٌ للسَّفَرْ.
نُخَيْلاتُكَ الباقِياتِ على عَهْدِهِنَّ
تَحَنَّيْنَ بالحُزْنِ،
أَقْسَمْنَ ألا يُبايِعْنَ هذا الشتَاءَ
وأَلاَّ يُغَنِّيْنَ هذا المَطَرْ.
لِعَيْنَيْكَ بَوْحُ النَّشيدِ المُكابِرِ
في زمنِ الصَّمْتِ
يا موغلاً في النَّخيلِ
وفي العِشْقِ،
للذارياتِ
يَجُبْنَ ثُغورَ الصَّباحِ المُرابِطِ
يَحْمِلْنَ عَرْشَ الرّشيدِ
على سَعَفِ النَّخْلِ
بين الفُراتِ ودِجْلَةَ
يُخْفينَهُ تحتَ أصْفادِ بابِلَ
كي لايراهُ المَجوسْ.
فَها هُوَ ذا يَزْدَجَرْدُ
يُلَوِّحُ بالنَّارِ ثانِيَةً
والجزيرةُ تَجْتَرُّ حَرْبَ البَسوسْ.
وهاهُوَ يَضْرِبُ أَسْوارَهُ
حولَ أسوارِ "مالكْ".
يُلْقي بمَرْساتِهِ فوقَ صَدْرِ الخَليجِ،
يُلَقِّنُهُ الفارِسِيَّةَ
والأَزْدُ يَحْتَلِبونَ العزائمَ
كلٌّ على قَدْرِ ناقتِهِ.
أيها البَدَوِيُّ الجَريحُ
على حَرْفِ هذا الزمانِ
إليكَ يدايَ وعَهْدِي،
وما تَرَكَ الفاتِحونَ على غُرَّةِ اللَّيلِ
فالدَّرْبُ أقْصَرُ مِمَّا تُشيعُ القبيلةُ
ذي قارُ آتيةٌ كالنّوارِسٍ
والقادِسِيَّةُ لمَّا تَزَلْ
ثّوْرَةً في الرِّمالْ.
على حرفِ هذا الزمانِ
تَطَرَّقْتُ يوماً
وأَرْسَلْتُ قلبي على غَفْلَةِ اللّيْلِ
طائِرَ شوْقٍ
يَتوقُ إلى عَبَقِ الياسمينْ.
وأَسْدَلْتُ فوقَ القديمِ منَ الشِّعرِ جَفْني ..
لَعَلِّي أَرى فيه شيْئاً
يُعيدُ الحُروفَ التي غُيِّبَتْ
في حنايا السِّنينْ.
لَعَلِّي أَرى نَوْرَساً
شاءَ ألاَّ يغيبَ طَويلاً
وآثَرَ أنْ يَسْبِقَ العائِدينْ.
على حرفِ هذا الزَّمانِ
وحيثُ تكونُ النُّجومُ البَعيدةُ
أقربَ للقلبِ،
تَفْنى المسافاتُ،
يَتَّصِلُ الصُّبْحُ بالصُّبْحِ
والبُرْتُقالُ بِيافا.
تُعودُ إلى الرَّملِ رائِحَةُ الطَلِّ،
يَلْتَحِمُ الوطنُ المُتَناثِرُ
في قلبِ سَوْسَنَةٍ
تَشْتَهي الدِفْءَ،
توقِظُنا الذِّكرياتُ
فنورقُ رَغْمَ الخَريفِ
ونُزْهِرُ رَغْمَ الشتاءْ.
هنا لا تُسيءُ الطُّيورُ
ولكنَّها تَتَطرَّفُ في الصَّحْوِ
إنْ فَسَدَ المِلْحُ
أوجُيِّرَ الشُّعَراءْ.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن إبراهيم محمد إبراهيم

avatar

إبراهيم محمد إبراهيم حساب موثق

الإمارات

poet-ibrahim-mohammad-ibrahim@

73

قصيدة

73

متابعين

إبراهيم محمد إبراهيم من مواليد،عام 1961 في دبي دولة الإمارات العربية المتحدة . خريج كلية الآداب – قسم اللغة العربية – جامعة بيروت العربية. بدأ بنشر قصائده في الصحف والمجلات الإماراتية في ...

المزيد عن إبراهيم محمد إبراهيم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة