الديوان » بهاء جمعه » بورتريه

 
حقولٌ من التفاحِ
و البرتقالِ
و اليوسفنديِ
حقولٌ من الذره
والبامياء
والفاصولياء
والقطن
وتأملات غاندي
١
أكواخٌ من الطينِ
من الروثِ
من الحطبِ المجففِ
وأغصان الخريف
وأبوقردان حولنا يغني
٢
ريفٌ 
فلاحون و فلاحات
في الفجر 
عاملون و عاملات 
يستيقظون مع الفجر 
بآلاتٍ معدنيةٍ 
من الفأس أو المنجلِ
٣
مدرسةٌ واحدةٌ 
تكفي لتعليمنا لغة الحوار 
مع الفراشِ و ابن الغزالِ و الآيل
مدرسةٌ واحدةٌ 
تكفي لتعليمنا خريطة الوطن 
وجغرافيا البحر والنهر والجسد
مدرسةٌ واحدةٌ
تكفي لتعليمنا دمج ثلاثة ألوان 
لصنع علماً واحداً
أحمرٌ
أبيضٌ
أسودٌ
٤
مصانعٌ
دكاكينٌ
أرجوحةٌ تأتي كل عامٍ
ثلاثةَ أيامٍ
تكفي لتساعِ الحلمِ
مهرجون 
يتقنون الرقص والسير على حبال تلامس خد السماء 
بلا خوف 
وربما يخافون مثلنا 
لكنهم بارعون بدفن الخوف في جيوب أحد المتفرجين 
٥
عيون أطفال بلون السماء
بهائم تعرف طريق الحشائش
تذهبُ صباحا
تعودُ مساء
ترع تلتف حولنا كحجاجٍ
تحيط البيوت
تحيط الفناء 
يمامٌ يحطُ على الضفائر 
ثم ينام
٦
يا وطني 
ما رائيك إن بادلتني 
أشياءٌ بأشياءٍ 
أعطني المدن الكبرى
وإشاراتِ المرورِ
وأعمارٌ تضيعُ في الركضِ
بين الشوارعِ
والأبراج التي احتلت موضع الشجر
والبحيرات الإصطناعية 
والضحكات الإصطناعية
وأعطيك 
قرية صغيرة 
يخجلُ الموت من زيارتها 
عيونُ أطفالها سوداء أو بنية 
فلا حاجة لك للمجاز 
أو للبحر 
٧
وأعطيك 
عجوزة
توزع الفواكه بلا مال 
ولا تفرق ما بين إنسانٍ و حيوانٍ
فقط 
انحني أمامها 
قل لها 
(شكراً)
٨
ما رائيك إن أعطيتُكَ قلبي 
وأعطيتني وجبةً من المطاعمِ الفرهةِ
لعاملِ النظافةِ
وباعةِ الليمونِ
والنعناعِ والمناديلِ الحزينةِ
ما رائيكَ إن أعطيتكَ دفئي 
وأعطيتني مدفأة
لمن يفترشون الأرصفة
والحدائق و الزنازين 
ولمن يبحثون عن الحريةِ 
في وطني 
٩
أعطني حكمةَ الأجدادِ 
وأُعطيكَ إمرأة
تعد لك الفطور في مطبخها 
وتجمع لك الأزهار كل صباحٍ
وتغني لأجلك
(كل الغابات بلا أشجار
فهجرتها
كل البحار بلا جنيات ذكورية 
فتركتها
كل البلاد بلا اسما سهلا 
من ثلاثة أحرف
فتمردتُ على كل البلاد
تعال في أي وقت تريد
إن شرفتي لا تنغلق أبدا )
فيردُ صوتٌ ملائكي
على حسبِ أيةِ إمرأةٍ
تتساقط من بين ذراعيها قطرات الماء
يرتشف الرجال الظامئين
يوم القيامة
١٠
إخلع عنك القصور 
وكرسي الحاكم
وارتدي جلباباً بسيطاً
وامشي بين الحقولِ
كفلاحٍ بسيطٍ 
أرهقهُ اللبلاب في الظهيرة
ولا تجفف هذا العرق
(هذا عرقٌ يحبه الله ورسوله)
١١
يا وطني 
لماذا هجرت القرى الصغيرة؟!
مقابل هذا الضباب اللانهائي
مقابل هذه التلال
هذه الرأسمالية 
كيف تهجرُ مقهى صغيراً بنوافذٍ
لا تنغلقُ حتى لا يحزن المطر 
ولا تهجرنا طبيعة الله ؟
مقابل هذه البحور التي لا تشبع 
١٢
أعطني نهرك الوحيد 
وأعطيك بيتاً 
له بابٌ واحدٌ
وغرفتين
وعشرُ نوافذ
تتسعُ لأي حلم عابر
بملائكته البيضاء
أعطني جسدك 
وأعطيك شعباً
يعزفُ جيداً
يزرعُ جيداً
يحصدُ جيداً
يحكم قبضةَ المنجلِ والخنجرِ
والبندقيةِ
لا يطمعُ في قصرٍ
لكنهُ يطمعُ في كسرة خبزٍ
برائحة الطين 
والفجر والندى 
والجدة العجوز 
يتقنون الإستعراض 
في عيد الفطر و الذبح
وفي كل المناسبات
١٣
يا وطني 
لا تعطيني شيئاً
وسأعطيك
كوخاً
يطل على بيتِ أبي
وقبرُ أبي
وحقلُ أبي
وبقايا من أشجارِ موزٍ
ماتت على موتِ أبي
سأعطيك كهفاً
لتجلس كصوفي 
وتتأمل 
كيف نحدثُ الحقول؟
وكيف نمشي مع الأشجارِ
تتبعُنا و نتبعُها 
تركضُ خلفنا 
ونركضُ خلفها 
وكيف نتبادل أعمارنا 
(لتشكر الله
والقرى الصغيرة)
ولا ترحل

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن بهاء جمعه

بهاء جمعه

12

قصيدة

شاعر فصحي ولد عام 1998له ديوان تم نشره عام 2019وكان عمره عشرون سنه تحت عنوان (مَن لي غيركِ أعشقهُ) وديوانه الثاني تحت الطبع تحت مسمي (أجهلُ مَن أكون) حصل على كثير من التكريمات وعضو في

المزيد عن بهاء جمعه

أضف شرح او معلومة