الديوان » لبنان » أمين تقي الدين » رجاك أن تعيش بلا زوال

عدد الابيات : 43

طباعة

رجاُّكَ أن تعيشَ بلا زَوَالِ

كَمَنْ يرجُو ارتِوا من ماءِ آلِ

تَرومُ المستحيلَ ولا تَراهُ

ولو أَنفقْتَ عمرك بالسؤالِ

فتبني بيتَ عزّك مِن رجاءٍ

ولكنَّ الأساسَ على رمالِ

وتبغي العيشَ في الدنيا طويلاً

وهل حيٌّ يكون بلا زَوالِ

خُلِقنا للفناء فما رجانا

بِدُنيا العمرٌ فيها كالخيالِ

حياةٌ صفْها كَدَرٌ وطينٌ

تعُود بنا إليها بالمُحَالِ

أذا حسُنَتْ فواتِحُها لَدَينا

فإِنَّ بها الختامَ ردى المآلِ

هي الدُّنيا تقولُ بملءِ فيها

حذَارِ حذَار مِني فِي فِعالي

فلا يغرُرْكُمُ منّي ابِتسامٌ

فإن الليثَ يَبسِمُ في القتالِ

وقَولي مُضحِكٌ والفِعْلُ مُبكٍ

فما سيانِ فِعلي معْ مَقالي

حياةٌ يا ابنَ آدَم أَنتَ فيها

غريبٌ قد عزَمتَ على ارتحالِ

ترى بخلالها فَرَحاُ وأُنساً

ولستَ ترى الذي خَلْفَ الخِلالِ

كَرَقْطاءٍ تَلين لِكلّ لَمسٍ

وتحتَ النابِ تحنش في الوبالِ

أَتفكرُ إن لبِست الخَزَّ فيها

غَدَوت مُنعَّماً في حُسنِ حالِ

قكم قد أَنْزَلتْ مَلِكاً بقبرٍ

وكان بعرش مجدٍ فيه عالِ

فلا تعقِد بها أملاً وعلّق

رَجاءَك بالإله أخي الكمالِ

تزوَّد من تُقى الرَّحْمن زاداً

فأَنت مسافرٌ في كل حالِ

ولا تَتْرُك وراءَك غيرَ ذكرٍ

كعَرْف الطيب فاحَ من الشمالِ

إِذا بَلِيَ الفتى في الأرض يَوماً

فَإِنَّ الذكرَ يُحيي غيرَ بالِ

سقى جَدَثاً لقد ضم التُّقى والنّ

قا ربّي بِوَدْقٍ ذِي انهمالِ

على ذاك الذي قَدْ غابَ فيه

سلامُ الله ما جَنّت ليالِ

ويا رَمْساً ثَواه خيرُ حَبر

عَمَنْ صبحاً بمحمود الخصالِ

ويا صخرَ الصلاح انعِمْ صباحاً

بِلُقيا اللهِ ربّك ذِي الجلالِ

لئن فقدَتْ بك الأقطارُ فرداً

لقد فاقَ الأَواخرَ والأوالي

فقد فرِحت ملائكةُ السما في

لقاكَ بُعيدَ آمالِ الوِصالِ

مصائِبُنا فوائدُ مَنْ سوانا

كذاك الدهرُ في العُصُر الخوالي

بكاك القطُر لكن مثل قَطر

وما استويا بهاتيكَ الفِعالِ

إذا سحًّ القطُر يفيد أرضاً

ولسيس بنافع دمع الرجالِ

ألا يا صخرةَ الإيمانِ هَلاّ

تعودُ ولو على حكم ارتحالِ

تَرى أن الكنائس ما تراءت

وكانت فيك بطرس كالجبالِ

ترى الفقراء تلتطم افتقاراً

لحَبْرٍ كان غيثاً في النوالِ

إذا مَحلتْ رُبى العَلياء حُزناً

فبستانيُّها إلْفُ اعتقالِ

أمصرعُه ببيتِ الدين يومَ

الخميسِ وقد تولى للزوالِ

بكاهُ الناسُ من قاصٍ ودَانٍ

بُكاءً كالسَّحاب ولا أُغالي

ويومَ الجمعةِ التالي رأَينا

ثَبيراً في البحار على الرِجالِ

سروا فيه وحولَيه شهِدنا

الجيوش أسً منكَّسةَ النصالِ

أَتوا فيه المصلًّى فالتقتْهُ

ملائكةُ السما في حُسنِ حالِ

أبيتَ الدين قد واريتَ شخصاً

ببيتِ الدين كم أمضى ليالي

سقاك العفوُ يا رمساً حواه

ففيك لقد ثوى خيرُ الموالي

لقد حقَّقْت يا ربًّ المعالي

بفقْدِك فقدَ كلّ أخي كمالِ

وقد صدَّقتُ أَنَّ الأرض مثوى

غداة ثويت فيها للهلالِ

ثويتَ وكلُّ روضٍ وَدَّ لَوْ أن

تكونَ به فيحظى بالجَلالِ

فلا عجبٌ إذا واراك رَمسٌ

فبالأَصدافِ وُجدانُ اللآلي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أمين تقي الدين

avatar

أمين تقي الدين حساب موثق

لبنان

poet-amin-taqi-eddin@

86

قصيدة

39

متابعين

أمين بن سعيد بن محمود بن حسين تقي الدين محام وصحفي وشاعر وکاتب لبناني ولد سنة 1884م، من أهل بعقلين بقضاء الشوف، تعلم ببيروت، وأقام زمناً بمصر فأنشأ فيها مجلة ...

المزيد عن أمين تقي الدين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة