ذلك الصباح حين أيقظتك وجاءني صوتك على الهاتف مسكونا بالنعاس والبراءة شعرت بأنني ولثانية لمحت وجهك الحقيقي العتيق وكما تضيء ومضة البرق كل شيء لبرهة شاهدت عبر صوتك الصباحي حقولك وجبالك ووهادك وكانت فسيحة ومترامية وباهرة الفرادة مثل كوكب الأمير الصغير ............... ذلك الصباح حين أيقظتك كانت مخالبك ماتزال نائمة وأنيابك ماتزال مسترخية ومخاوفك وشكوكك وبالتالي شراستك ماتزال تغط في النوم ... وجاءني صوتك شهيا مسكونا بلهفة المراهقين ينبض حرارة وأنت تقول : " صباح الخير حبيبتي " .. وتخيلت أن جسدك لابد وأن يكون في تلك اللحظة حارا ونابضا كصوتك ... ................. حين تكون هكذا لاأملك إلا أن أحبك حين تكون نصف نائم نصف يقظان تصير رجل الحب المثالي ... تصير حنانا بلا شكوك ولهفة بلا ذاكرة وعطاء بلا مخاوف ... ولكنك حين تستيقظ تصير رجلين رجل يحب وآخر يحاسب رجل يقبل وآخر يضحك من الذي يقبل رجل يقول أنه سيمنح إلى الأبد وآخر يهمس ساخرا : أي أبد أيها المراهق أنت فن والحب فان وكل ما تقوله أو تفعله ليس جديدا سبق لك أن قلته وسبق للرجال أن فعلوه وكرروه نصف مليون عام !. .................. لا يهمني أن تقول لي كلمات مكررة لا جديد في اللغة لكنني أستطيع أن أميز نبض الكلمة وشرارتها وأستطيع أن أميز بين لغة ممدودة على أرض الصباح مثل الأسلاك الكهربائية التي لم توصل بعد وبين شبكة من الشرايين والأعصاب لها شكل كلمات ... فقل لي كلماتك القديمة كلها قل لي كل كلمة قلتها لامرأة سواي ولكن قلها وأنت نصف نائم نصف يقظان وقلها بحرارة كحرارة جسدك لحظة اليقظة الاولى ... ........... كم أحب أن أحبك لايمكن لامرأة مثلي إلا أن تحب وغدا مثلك لحظة يكون نصف نائم ونصف يقظ ومخالبه غارقة في ريشها كمخالب القطط نصف الغافية نصف المتأهبة للصيد وأنيابه ومخاوفه وشكوكه آثامه وأحقاده لما يستحضرها عقله الواعي من مغاور الخدر ... هل أنت قريب على مرمى دمعة مني وبعيد على مرمى عمر !... أيها الشقي كيف ضيعتك في زحامي أيها الشقي كيف صدقت زحامي كيف صدقت زحامك ؟... .............. أيها الشقي اكرر : الصداقة مشروع حب والحب مشروع جرح فهل في صدرك موضع لطعنة ؟... بل الصداقة مشروع ضجر والضجر يقظة ... فهل لديك لحظات بين النوم واليقظة بين الخدر التام والوعي التام نعيشها معا قبل أن نغرق من جديد في رتابة النوم أو بلادة اليقظة ؟.. .............. أنا نهر من النزيف عبثا يوقفون تدفقه بسدادة زجاجة نبيذ أشتهي صخورك سدا يوقف انهيارات الدقائق والثواني ... ولا يهمني بعدها إن سقطت مضرجة بالذكريات أو سبحت في بركة من أحزاني ... المهم أن نلتقي ثانية في لحظتك المجيدة تلك حين تكون نصف نائم نصف مستيقظ
غادة أحمد السمان كاتبة وأديبة سورية.ولدت سنة 1942م، في دمشق،ضمن عائلة شامية عريقة. والدها أحمد السمان الذي كان رئيس جامعة دمشق كما استلم منصب وزير التعليم السوري لفترة قصيرة، ووالدتها ...