الديوان » العصر العثماني » بطرس البستاني » كتب الله لي البقاء مديدا

عدد الابيات : 35

طباعة

كتبَ اللهُ لي البقاءَ مديدا

واللغاتُ الحسان تهوى الخلودا

ما جفاني من نشأتي قطُّ ولدي

بل كسوني من العلاءِ بُرودا

أيُّ نحرٍ بين اللغات كنحري

قلدته يدُ القريضِ عُقودا

أيُّ صدرٍ يحوي الكنوز كصدري

ويُريكَ الجمان فيه نضيدا

في الفيافي نشأتُ لكنَّ بُردي

راقَ وشياً ولا يزالُ جديدا

شُعرائي قد أَخرسوا بالقوافي

كلَّ شادٍ يُسكتُ الغريدا

حَلقوا في العلى نُسوراً وصادوا

ما رأَوهُ منَ المعاني فريدا

ولكم رنَّح المنابرَ فخراً

خُطبائي وارقصوا الجلمود

فتصفَّح أَسفارهم إنَّ فيها

حِكماً تجعلُ الضَّلول رشيدا

كلُّ ندبٍ يخوض بحر بَياني

لا يُحلي بغير درُي الجيدا

وإذا ما تلا تراجم قومي

أَبصرَ الأسد والأباة الصِيدا

ورأى الذوقَ في الفلا حضَرياً

ورأى اللطف كيف يأوي البيدا

قد طويتُ الزمان عصراً فعصراً

وملأت الزمان عزا وجودا

وتفردَّت بالبلاغة حتى

رفعَ العُجمُ في الرُّبى لي بُنودا

عجزَ الناسُ عن لحاقِ غُباري

وتجاوزت في السباق الحدودا

إنَّ حفظ الذمام قد بات عندي

سُنَّة لا أُطيقُ عنها مَحيدا

أيُّ عهدٍ قطعتهُ كان منه

حولَ عُنقي القيودُ تعلو القُيودا

وإذا ما وعدتُ انجزت وعدي

وكثيرون ينكثون العهودا

أنَّ نفسي تطيب إِن يقضِ يوماً

في سبيل الوفا وحيدي شهيدا

والمعالي تطيب إِن يقضِ يوماً

هيَ كانت على كمالي شُهودا

نخرةٌ في حَماسةٍ في إِباءٍ

لا ترى في الحلى لهنَّ نديدا

وجِواري للخائفين ملاذٌ

يجعلُ المحتمي به صنديدا

كيف أَخشى العدى وحوليَ سورٌ

من قلوبٍ بها أَفلُّ الحديدا

كيف اخشى غارات ريب الليالي

وامامي لبنان يُدمي الأُسودا

كيف اخشى ذُبولَ روضي وعندي

منهلٌ طابَ مصدراً وورودا

معهدٌ قد لقيتُ في جانبيه

عَطفَ أُمٍ على الوليدِ وحيدا

يُرضعُ النشءَ من ثدَيَّ حليباً

فيشبُّ الفتى حُساماً حديدا

يا بني العُربِ عزّزوني فتحيوا

أَذيعوا في الأرض ذكري الحميدا

وانشروا في الملا مآثر قومي

وتحدوا بالمكرمات الجدودا

كانت العربُ في الخيام ملوكاً

أتكونون في القصورِ عبيدا

كانت العُربُ ارحبَ الناس صدراً

ولدى الضَّيم اصلبَ الناس عُودا

لا يرونَ الوفاقَ إلا نعيماً

ويرونَ الشقاقَ خطباً شديدا

فانبذوا منكمُ التنافر حتى

تجعلوا العزَّ في البلاد وطيدا

وتباروا في ما يُفيدُ فلاحاً

وابذلوا في العلوم جهداً جهيدا

انما الشَّرقُ في الجهالة عبدٌ

فارفعوهُ بالعلم حتى يسودا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن بطرس البستاني

avatar

بطرس البستاني حساب موثق

العصر العثماني

poet-boutros-al-boustani@

15

قصيدة

57

متابعين

بطرس البستاني ويُلقب المعلم بطرس، هو أديب ومؤرخ ومترجم ولغوي،ولد سنة 1819م. في قرية دبية، ولاية لبنان في عصر الدولة العثمانية دخل المدارس الوطنية وألف أول موسوعة عربية سماها دائرة المعارف: قاموس ...

المزيد عن بطرس البستاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة