عَابِرُ خَرَابٍ
فِي شَوَارِعَ دِمَشْقَ
رِجَالٌ يَنْسَلُّوُنَ
وَاحِدَاً تِلْوَ الآخَرِ.
تَفُوْحُ مِنْهُمْ رَائِحَةُ الضَّيَاعِ،
وَبِعُيُونٍ لا تَعْرِفُ الرَّأْفَةَ
تَنْبُضُ قُلُوْبُهُمْ بِالحِجَارَةِ.
فِيْ شَوَارِعَ دِمَشْقَ
رِجَالٌ يَلْهَثُوْنَ
مِنْ قَسْوَةِ الجُوُعِ.
أَيْدِيْهِمْ مُثْقَلةٌ بِالرَّهْبَةِ،
وَيَتَعَرَّقُوْنَ مِثْلَ الجِعْلانِ
عِندَ طَرْدِ الأرْوَاحِ مِنَ النَّوَافِذِ.
رِجَالٌ ضَائِعُوْنَ
كَمِيَاهِ البُيُوْتِ المُهَدَّمَةِ..
يَهْتِفُوْنَ بَأَمَلِ الحَيَاةِ،
وَهُمْ يَقْتُلُوْنَ الأَبْرِيَاءَ.
رِجَالٌ خَائِفُوْنَ
مِنْ ضِيَاءِ الشَّمْسِ.
نَسَوْا سَبِيْلَ الرُّجُوْلَةِ،
وَهُمْ يَشْتَهُوْنَ
أيَّةَ إِمْرَأَةٍ.
بَعْضُ أَزْهَارِ يَاسَمِيْنَ،
وَشَجَرَةُ تُوْتٍ شَامِيٍّ
تُخَضِّبُ الأَرْضَ،
وَهِيَ تَرْقُبُ رِجَالاً بِنِعَالٍ بَالِيَةٍ،
وَسَرَاوِيْلَ مُبَلَّلَةٍ.
فِيْ دِمَشْقَ شَوَارِعُ
لَم تَعُدْ شَوَارِعَ،
وَأَبْنِيَةٌ لَمْ تَقْوَ عَلَى الوُقُوْفِ،
وَعَابِرُ خَرَابٍ
لا يُرِيْدُ أَنْ يَرْحَلَ
مَا بَقِي فِيْ دِمَشْقَ شَارِعٌ وَاحِدٌ.
117
قصيدة