تمهل قليلاً أيها الصخب أريدُ أن أحتفل بدون سماء أن أعبأ الأرض من نسلي، أن أطأ الأرض كلها، وأدُورها أن أشاغب حواصل الريح، وأهمس في فم المطر: "كل الجسد لي" فانزل، أملأ التخوم، وأصنع بركةً في الأثر احمِلْ مذاقَ السّرة لقدمي، وماء العيون لفمي.. أريد أن احتفل.. ساعةً، أزرع الخصب من حولي أرقب الطير تأكل في خمسي أطلق الدواب ترعى إلى البحيرة نَمرٌ وغزال.. أسدٌ وحمارُ وحش.. وساعةً، أستبين استدارة الفصول حفاوة الأمكنة.. وساعةٌ أستعير شكل البروق، هناك أكون وهنا يتشكل القسمُ باسمي، وينحلُّ الورد على أصابعي يغادرُ الطيرُ صدري حيث سكنَ، الفصل أواخر العصور المطيرة قبل انقلاب محور الأرض، وميلُ الشمس وطوفانُ المغارات البكر. وساعةْ أجلس فيها لحبيبتي، أقول لها: تزعجني لا مبالاتك وابتسامتك في الآخرين الحضور المكثف فيك، غلبة المكان. تزعجني لحظتنا المخْتَلسة شكلنا المرتاب، لا انفصال الورد في شفتيك الورق المبعثر من حواليك، دون قصْقصَة وأخاف من اصطدام رأسك بالحكايات السيّارة وكويكبات الحظ وشهب العيون الصفراء ونيازك الوقت الطويل أكتب لها: ليس من المهم أن تتنفس فينا المسام، وأن تنطبق على بعضها، وإن نظل أقرب، وأن تظل الأماكن هي الأماكن، والأصدقاء هم ذاتُهم، والحكاية بذات الأبطال، وطابع الكلاسيكية الممض، وشهوة المدنية العمياء، في رسم خطوط الجسد بكل الألوان، والزخرف.. حيث من العادةِ ألا نلتقي أريد أن أحتفل.. ساعةً، أضيء الشمس بدون خوف، وللوقت الذي أريد ربما اخترت الساعة نهار ربما اخترتها بلا نهار ربما اقتسمت النهار ربما اقتسمت اللا نهار ربما اخترت أن يكون الأمر طبيعياً، فتكون الساعةُ بما جاءت، وربما اخترت، فأعاند الساعة التي جاءت وساعةً، أبدأ التعلم فيها سأتعلم لغة البلاد التي شغلني الحديد فيها عن أمر المواصلة والحلم بمكان وامرأة وسماء بلون عينيها، وسهولٍ بلون عيون الصغار الذين سيأتون سأتعلم فن المؤانسة، فلا تضجر السحب من مناوشتي لها، ولا تفر عن طلبي بأن تتفضل سأتعلم شكل المغامرة، فأكتب "دونكيشوت في رحلته الخامسة والعشرين" سأتعلم نجم السّيارة، فأعقد عَرَافتي ببالونات الأحلام، بيوم غدٍ سعيد، ورقم حظٍ بين الصفر والواحد سأتعلم شكلك، فلا أخطئك كالعادة، فأتعلق بأول مارةٍ بالطريق، وأقول لها: هذه أنت، شكل البلاد في عينيك فاكهة القرية في وجنتيك وهذا الرمان الذي تخبئين أعرف شكل استدارته، وفوحَ انقسامه أعرف شكل الدبيب في يديك لتهتاج القصائد تحت الثياب.. سأتعلم أن أسير دون وشوشة، ودون غناء سأتعلم التخفي، فأكون قريباً وبعيداً سأتعلم القول، فلا أخسر في أي معركة سأتعلم الخوف، فأنتصر في كل المفاوضات سأتعلم العوم، فأظل سابقاً كل المسيرات أريد أن أحتفل.. ساعةً بدون حلم ساعة، بدون ملح وساعة، بدون نساء وساعة بدون غناء وساعة، على حافة البحر أغرف من المساء بقدر حكايتنا، وكلام الأضواء المتقاطعة وسيرة نصف القمر وساعةً، أتنفس فيها الهواء بلا عطرك، فقد أتعبني التفكير فيه وساعةً، أعود فيها إلى مكاني حيث علّم البرق، وصنعت الحكاية مهدها وساعةً، أبكي فيها بدون نحيب وساعةً، للنحيب وساعةً للدموع وساعةً لها، وساعةً لي وساعة، وساعة وساعة، وساعة وساعة، لأناااااااااااام وساعة، لأقول اكتفيت... انتهى الحفل، فغادر
رامز رمضان النويصري ،شاعر وكاتب ومدون ليبي،ولد بمدينة القاهرة بمصر في 1972، وترعرع وعاش في طرابلس - ليبيا ،
وفيها درس ومازال مقيماً بها.
بدأ الكتابة الشعرية، والقصصية، فعلياً منذ العام ...