الديوان » شاهر إبراهيم ذيب » أزهارُ الرجوع

أزهارُ الرجوع

لم يعدْ للصباحاتِ الباكرةِ ألقاً
ولم يبقَ للقطاراتِ
إلا رائحةَ الدُخان
ولهاثَ المسافرين
وتلكَ الأزهارُ القابعة
في زوايا الشوارع
بدأت تذبلُ بين أيدي البائعات
دون أن تجرؤَ على الانتحاب
إحساسٌ بالتشتت
ورغبةٌ في التلاشي
أحرفُ الأبجدية
لا تقدر على التعبير
وكل محاولاتها
لنظمِ كلمةٍ فهي غيرُ مجديةٍ
في مُدُنِنَا
تكبرُ الأزمةُ
وتتغربُ العلاقةُ
تُنتشلُ الصداقاتُ
من آبارٍ عميقةٍ ناضبة
يختلطُ القلقُ بالأزمةِ
وينغمسُ الجسدُ
في زحامِ الحركة
آهٍ يا زمنَ الريف
لم تَعُدْ كما كنتَ
وقد تطاولتْ يداكَ نحوَ الأفق
مواسمُ الأمطارِ
والأرضُ الخصبةُ انتهت
وتمددتِ السهولُ الجرداءُ
تنتظرُ وتنتحب
وبدأتْ أشجارث الزيتون
تفقد ضوءَها
والزهورُ البرِّيَة
لم تَعُدْ تَشعُرُ بالألفة
فهي تنتحرُ من الوحدة
وبينَ الرِّيفِ والمدينة
تتقطَّع المسافاتُ بحواجزٍ من الكآبة
وتنثرُ الأشواكَ في النفوس
لمن تنتمينَ
أيَّتُها الأرضُ الموغلةُ في التَّوحُدِ؟
تتساقطُ أشلاؤك في الضباب
لا مجالَ للموتِ بعد اليوم
ولا فرارَ من لقاءِ الأحبَّة
هاهنا تنفلقُ الأصابعُ
وتلتصقُ بشقوقِِ الأحجارِ الصغيرة
وتنحني الظهورُ
لتلتقطَ ثمارَ النُّزوح
هنا تعشقُ الكتبُ المدرسيَّة
الطرقَ الملتويَّة
وعبرَ رُكام الحديدِ والمكعباتِ الإسمنتيَّةِ
تقبعُ بذورُ التواصلِ مع الأرض
آهٍ يا زمنَ التسميَّات
لم تَعُدِ النكبةُ كلمةً
ولم تَعدِ النكسةُ رمزاً
لم يَعُدِ الرئيسُ كلمةً
ولم يَعُدِ الملكُ رمزاً
هنا... في بطونِ الأمهات
يحملُ الجنينُ حجراً
ويُولدُ مقاوماً
أواريَ أوجاعي
بين خبايا حُزني
وأنتمي إلى التراب
يخفق قلبي بفلسطين
وأتنفسُ أزهارَ الرجوع

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شاهر إبراهيم ذيب

شاهر إبراهيم ذيب

117

قصيدة

طبيب استشاري أمراض جلدية وشاعر. ولد في بصرى الشام عام 1961، ودرس وأنهى فيها المرحلة الثانوية ثم التحق بكلية الطب البشري بجامعة دمشق وتخرج منها عام 1985. أثناء خدمته العسكرية الإلزامية تحصل

المزيد عن شاهر إبراهيم ذيب

أضف شرح او معلومة