الجلوس
نُسورٌ هائمةٌ جوَّعٌ
تَجوبُ أَهويَةَ المدينة
تتناسلُ مثلَ الغربانِ
وتنثرُ روائِحَها النتنة
عبرَ الطُرقِ المحلِّقةِ
وعَبرَ النفوس
نسرٌ هوى وانتهى
مخالبُهُ كسَّرتْها الفرائسُ
ومنقارُه لم يعد قادراً على التمزيق
هاهو الآن بلا حراكٍ
تفوحُ منه رائحةَ الأجياف
ولكن لا بأسَ
فلم تكنْ رائحتُهُ قبلَ ذلكَ أرقى
كم أتوقُ لنتفِ ريشِهِ
وأفقأ بها عيونَ الباقين
هكذا هَمستْ إحدى الحَمائم
فالكلامُ ممنوعٌ
بحضرةِ النسورِ المتبقية
*****
لا تشاجرَ ولا نزاع
فقد علَّمنا النَسرُ الأكبرُ
كيفَ نُبقي ذيولَنا هادئةً
حتَّى في أشدِّ العواصفِ
يا حَمامةَ قلبيَ الصغيرةُ
لم تعودي قادرةً على بناءِ عشٍ
وفقدتِ لونكِ من شدةِ الوحدة
ورغباتُكِ حتى الجنسيةُ منها أصبحتْ
إطارَ صورةٍ لنسرٍ عاجزٍ
كيفَ تتحمَّلينَ أنْ يلجكِ هذا الكائنُ المخيفُ
وأنتِ تتمزقينَ جُوعاً وألما
ألا تَستيقضين؟
*****
وارأساهُ.. نسرٌ آخرٌ
يَمخرُ الطُرقَ المحلِّقةَ
وغيرَ المحلقة
جناحاهُ رشيقانِ، وألوانُه زاهية
طويلٌ كما الليلِ
وباردٌ كصَحارى القَمر
تُحيط بهِ كلُّ النسورِ القُدامى
تُدغدغُ قوادمَه الفتيَّةَ
وتقدِّمُ له وجبةً دسمةً
مِن رَقصاتِ التزاوج
لمِ لا وهو حامي رِيشِها
آه أيَّتها النُسور النتنة
أيَّتها الكلاب
يا لِنَسرُكِ العظيم
نسرُكِ المِقمعة

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شاهر إبراهيم ذيب

شاهر إبراهيم ذيب

117

قصيدة

طبيب استشاري أمراض جلدية وشاعر. ولد في بصرى الشام عام 1961، ودرس وأنهى فيها المرحلة الثانوية ثم التحق بكلية الطب البشري بجامعة دمشق وتخرج منها عام 1985. أثناء خدمته العسكرية الإلزامية تحصل

المزيد عن شاهر إبراهيم ذيب

أضف شرح او معلومة