الديوان » فريد مرازقة الجزائري » البردة الجزائرية

عدد الابيات : 60

طباعة

هَذِي الجَزَائِرُ أُمُّ الشِّعْرِ وَ النَّغَمِ

فِي وَصْفِهَا تَعْجزُ الأجناسُ عَنْ كَلِمِ

الإنْسُ فِيهَا يَرَى مَا لَا العُيُونُ رَأَتْ

كَأَنَّهَا جَنَّةٌ فِي حَضْرَةِ الأُمَمِ

جَبَالُهَا فِي سَمَاءِ الفَخْرِ شَامِخَةٌ

تِلَالُهَا بِالهَوَا تَقْضِي علَى السَّقَمِ

صَحْرَاؤُهَا ذَهَبٌ لَا شَيْءَ كَدَّرَهُ

مِنْ صَرْعِهِ مَنْ رَأَى ذَا الحُسْنَ لَمْ يَقُمِ

بِشَرْقِهَا نَخْوَةٌ تَبْدُوا لِزَائِرِهِ

وَ غَرْبُهَا فِيهِ أَهْلُ الجُودِ وَ الكَرَمِ

شَمَالُهَا لَوْحَةٌ زَرْقَاء قَدْ رُسِمَتْ

وَ رَمْلُهَا بَسْمَةٌ فِي ثَغْرِ مُبْتَسِمِ

تَوَسَّطَتْ أَرْضَهَا فِي غِبْطَةٍ مُدُنٌ

سُكَانُهَا مِنْ كِبَارِ العِلْمِ وَ القَلَمِ

جَنُوبُهَا وَيْلَتَاهُ الحُسْنُ أَغْرَقَهُ

مَنْ عَاشَ فِي حُضْنِهِ، بِالدِّينِ يَسْتَقِمِ

رِجَالُهَا جَيشُ جِنٍّ لَيْسَ يُخْضِعُهُ

مُحَارِبٌ شَرِسٌ، سَلْ ثَوْرَةَ القِدَمِ

هُمْ كَالأُسُودِ إذَا حَلَّتْ بِهِمْ كُرَبٌ

لَمْ يَسْجُدُوا أَبَدًا إلَّا لِرَبِّهِمِ

أَقْمَارُهُمْ فِي العُلَا بِالعِلْمِ قَدْ رُفِعَتْ

فِي مِنهُمُ إِنْ سَمِعْتَ القَوْلَ لَمْ تَنَمِ

بِجَمْعِهِمْ لَا تَرَى حِقْدًا عَلَى أَحَدٍ

وَ الفَرْدُ لَيسَ إِذَا يَقْوَى بِمُنْتَقِمِ

نِسَاؤُهَا حُسْنُهُنَّ اللَّهُ أَبْدَعَهُ

مَا مِثْلُهُ فِي نِسَاءِ العُرْبِ وَ العَجَمِ

فِيهِنَّ مَا لَا يُرَى فِي الجِنِّ أَوْ مَلَكٍ

مِنْهُنَّ شَمْسُ الدُّنَى تَغْتَاظُ فِي أَلَمِ

إِذَا بَدَيْنَ صَرَعْنَ الخَلْقَ مِنْ خَجَلٍ

حَيَاؤُهُنَّ عَلَا كَالنَّسْرِ فِي القِمَمِ

لَكِنَّهُنَّ ظِبَاءٌ وَ الظِبَا أَلَمٌ

إنْ خُنْتَهُنَّ تَرَ النِّيرَانَ فِي الظُّلَمِ

لَا تَعْجَبَنْ أَبَدًا! هَذِي جَزَائِرُنَا

أَرْضُ الشَّهَادَةِ وَ المِلْيُونِ مُعْتَصِمِ

أَرْضُ الثَّبَاتِ وَ فِيهَا الظُّلْمُ مُنْكَسِرٌ

مَنْ رَامَ فِي دَارِهَا الطُّغْيَانَ يَنْهَزِمِ

خَيْرَاتُهَا تُغْرِقُ الأَكْوَانَ فِي رَغَدٍ

وَ غَيْثُهَا يُخْرِجُ الحَبَّاتِ مِنْ عَدَمِ

فَإنَّهَا آيَةٌ للنَّاسِ كُلِّهِمُ

حَتَّى لِمَنْ بِهَوَى البُلْدَانِ لَمْ يَهِمِ

شَبَابُهَا كَالأُسُودِ اللَّهُ يَحْفَظُهُمْ

فَكُلُّهُمْ عَاشِقٌ أَلْوَانَ ذَا العَلَمِ

تَرَاهُمُ حِينَ بَأْسٍ وَاقِفِينَ مَعًا

كَأَنَّهُمْ وَاحِدٌ يَعْتَزُّ بِالقَسَمِ

إِذَا عَلَا صَوْتُهُمْ كُلُّ النُّجُومِ هَوَتْ

وَ كَيفَ لَا وَ هُمُ أَحْفَادُ مُلْتَزِمِ

وَ أَصْلُهُمْ شَامِخٌ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمُ

(جَزَائِرِيٌّ) يَقُولُ الكُلُّ فِي نَغَمِ

بَنَاتُهَا قَدْ سَحَرْنَ الحُسْنَ فِي أَلَقٍ

مَنْ غَيْرَهُنَّ هَوَى، يحْيَا عَلَى نَدَمِ

شَاوِيَّةٌ عَيْنُهَا تُرْدِي الجُيُوشَ إذَا

تَرْقِيَّةٌ أَعْلَنَتْ حَرْبًا عَلى السَّدِمِ

تَلِّيَّةٌ إنْ شُعَاعُ الشَّمْسِ لَامَسَهَا

يَخْجَلْ وَ أَنْوَارُهُ فِي الكَوْنِ لَمْ تَدُمِ

هُنَّ الحَرَائِرُ سَلْ بِنْتَ القَبَائِلِ قَدْ

تَحْظَى بِأَجْوِبَةٍ يَا نَاظِمَ الكَلِمِ

بِأَرْضِهَا يَرْقُدُ المِلْيُونُ فِي رَغَدٍ

وَ نِصْفُهُ، اسْتُشْهِدُوا مِنْ أَجْلِ ذَا العَلَمِ

كَنَجْمَةٍ وَ هِلَالٍ فِي العُلَا ارْتَقَيَا

وَ رَدَّدَا (قَسَمًا) بِالقَوْلِ مِلْءَ فَمِ

هَذِي جَزَائِرُنَا لَا الغَيْمُ يَحْجُبُهَا

وَ لَا كَلَامُ فَرَنْسِيٍّ مِنَ العَجَمِ

فَإنَّهَا جَمَعَتْ فِي حِجْرِهَا أُمَمًا

آخَتْ وَ مَا زَوَّرَتْ مَا قِيلَ فِي القِدَمِ

يَا لَائِمِي فِي الهَوَى شِعْرِي لَهَا سَنَدٌ

حَتَّى وَ لَوْ بَعْدَهُ يُسْقَى التُّرَابُ دَمِي

فَهْيَ الَّتِي أَوْقَدَتْ بِالصَّدْرِ شُعْلَتَهَا

إنِّي فُتِنْتُ بِهَا بِالرَّغْمِ مِنْ سَقَمِي

لَوْ كُنْتَ يَا عَاذِلِي جَرَّبْتَ لَسْعَتَهَا

فِي الحُبِّ أَوْ ذُقْتَ مِنْهَا أَعْذَبَ النَّغَمِ

لَمِتَّ فِي عِشْقِهَا مُسْتَشْهِدًا وَ لَقُلْـ

ـتَ فِي صَبَابَتِهَا شِعْرًا وَ لَمْ تَلُمِ

فَرِيقُهَا شَامِخٌ خَرَّتْ لَهُ فِرَقٌ

قَدْ عَذَّبَ القَوْمَ فِي المَيْدَانِ بِالقَدَمِ

رِجَالُهُ كُلُّهُمْ حَتَّى وَ لَوْ مُنِعُوا

إصْرَارُهُمْ صَخْرَةٌ فِي وَجْهِ مُتَّهِمِ

(جَمَالُ) أَعْطَاهُمُ بَأْسًا وَ مَوْعِظةً

حَتَّى الشِّبَاكُ بَكَتْ مِنْ ضَرْبِ مُقْتَحِمِ

أَهْدَافُهُمْ قَطَّبَتْ مَا المَكْرُ خَلَّفَهُ

وَ الجُرْحُ إنْ ظَهَرَ الشُّجْعَانُ يَلْتَئِمِ

يَا مَنْ سَأَلْتَ قَرِيضًا فِي جَزَائِرِنَا

كُلُّ الَّذِي قُلْتُهُ رَأْسٌ مِنَ الهَرَمِ

وَ لَوْ بَقيتُ طَوَالَ الدَّهْرِ أَمْدَحُهَا

لَشُفْتَنِي أُغْرِقُ الأَكْوَانَ فِي الكَلِمِ

هَذَا قَرِيضُ مَنِ الأَوْزَانُ تَعْشَقُهُ

لَا هَذْيَ مَنْ حُبَّ أَرْضِ الجَدِّ لَمْ يَرُمِ

هَذِي الجَزَائِرُ لَيْسَ الشِّعْرُ يَمْدَحُهَا

فَإنَّهَا الشِّعْرُ، قُم للشِّعْرِ و احتَرِمِ!

بِهَا أَهِيمُ وَ هَامَتْ بِي شَوَاطِئهَا

جِبَالُهَا جَنَّةُ المَهْوُوسِ بِالحُثُمِ

مُرُوجُهَا مِنْ إلَهِ الكَوْنِ مُعْجِزَةٌ

غَابَاتُهَا تُبرِئُ المَعْلُولَ مِنْ سَقَمِ

تُغْنِيكَ عَنْ كُلِّ طِبٍّ طَالَ مَوْعِدُهُ

وَ عَنْ دَوَاءٍ أَتَى مِنْ عَالِمِ العَجَمِ

فَشِيحُهَا رِيحُهُ يُشْفِيكَ مِنْ عِلَلٍ

كُنْ حَافِظًا إرْثَهَا مِنْ كُلِّ مُغْتَنِمِ

هَذِي الجَزَائِرُ يَا مَنْ كُنْتَ تَجْهَلُهَا

هِيَ الَّتِي أَهْلُهَا كَالجَيْشِ فِي الأُجُمِ

كَاللَّهْبِ هُمْ دَائِمًا لَا شَيْءَ لَامَسَهُ

وَ النَّارُ إنْ جِئْتَهَا بِاللَّمْسِ تَضْطَرِمِ

تَرَاهُمُ اتَّحَدُوا إنْ هَدَّدَتْ كُرَبٌ

وَ لَيْسَ فِي جَمْعِهِمْ مَنْ خَافَ مِنْ ظُلَمِ

هُمُ الَّذِينَ أَنَارُوا الكَوْنَ شَمْسُهُمُ

إذَا بَدَتْ فَجَّرَتْ نُورًا مِنَ العَتَمِ

هَذِي الجَزَائِرُ مَهْمَا قُلْتُ أَمْدَحُهَا

تَعْلُو عَلَى الشِعْرِ بَلْ وَ النَّاسِ كُلِّهِمِ

وَ كُلَّمَا قُلْتُ بَيْتًا فِي مَحَاسِنِهَا

أَتَى أَخُوهُ يَقُولُ: الحُسْنُ فِي نَغَمِي

فِي مَدْحِهَا كُلُّ مَا قَدْ قِيلَ مَنْقَصَةٌ

مَهْمَا كَتَبْتُ وَ مَهْمَا جُدْتُ بِالكَلِمِ

تَبْقَى الجَزَائِرُ أُمُّ الشِّعْرِ تَعْرِفُهُ

وَ الحَرْفُ يدرِي الَّذِي مَا حِيكَ بِالقَلَمِ

جَزَائِرِيٌّ أَنَا وَ الفَخْرُ يَغْمُرُنِي

حُبُّ الجَزَائِرِ فِي ذَا القَلْبِ قَبْلَ فَمِي

أُحِبُّهَا وَ هَوَاهَا فِي العُرُوقِ سَرَى

فَحُسْنُهَا مُذْ بَدَا دَسَّ الهَوَى بِدَمِي

عَشِقْتُهَا ثَمِلًا وَ العِشْقُ مَحْرَقَةٌ

وَ لَيْسَ لِي مَهْرَبٌ يَا سَامِعًا كَلِمِي

هَذِي الجَزَائِرُ إنَّ اللَّهَ يَحْفَظُهَا

وَ الحَمْدُ للَّهِ رَبّ العُرْبِ وَ العَجَمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن فريد مرازقة الجزائري

فريد مرازقة الجزائري

63

قصيدة

الشاعر فريد مرازقة الجزائري شاعر عمود بالعربية الفصحى.

المزيد عن فريد مرازقة الجزائري

أضف شرح او معلومة