بغداد.. تنتعلُ الضبابَ
وتختفي في النهرِ
قبل تَسَمُّرِ الأشياءِ
في السفح المعلّقِ
بين جبهتها وبابلَ من جهه
والبرتقالِ المرِّ في قمر الشمالْ
بغدادُ
أيضاً لاتحبُّ الثلجَ
لكنَّ الشوارع تحتفي بالقادمين من الرياحْ..
بغدادُ
تكفي كي يكون الوجدُ
لكني أحبكِ
قبلَ بعدَ الوجد؛ بالدم والأظافرْ
هذي السماء صبيّةٌ
لمّا تُعلّقُ بعدُ نجمتها
على كتف الزمانْ..
هذا المساءُ
فتىً، تعلّم أنْ يكون لها
وكان!..
ومسافرانِ إلى حمورابي القديمِ
بلا سَفَرْ..
قالا: سيعرفنا الصباحْ
فامتدَّ ملح الليل في طين المكانْ..
والضائعانِ
يفتّشان عن انتماء الصوتِ
للصمت المغلّفْ..
وعن البلادْ..
بغدادُ
تنسى مرةً أخرى
بأنَّ أبي اشترانا من مواسمها
وعمّدنا بخوف النهرِ
علّقنا على صبر النخيلْ..
بغداد تنسى أنها أمي
كعادتها
وأذكرُ
أنني أهواكِ في بغداد.. أكثرْ
وهناكَ
كنتُ أنا.. أنا
ظلّي.. أنا
وهناك أشبه كلّ شيءٍ
إنما لاشيء يشبهني... سوايْ
ردّي عليَّ الشارع المسروق من جسدي
وظلّكِ
كي أعود إليَّ
في عشب الخطا
فالشارع العربيّ يعبرني
وأرصفة الصبايا
لاتحطُّ على خُطايْ
حتى الزجاج الكُنْتُ أنقرهُ
لتنتبهي
تسيَّسَ، صار أعمى
والكلامْ..
سيفٌ على صحوي، وحسنكِ
فاهربي ممّن يقول:
أنا أحبكِ!
لا أحبكِ
بل أعاقرُ ضوء نهديكِ التراثيّينِ
سرّاً
أرتدي في السرّ أمي؛ غيمةً
وأبي.. وصايا
إنهم لايعلمون السرَّ
لكنْ
يصلبون الخارجين على الغموضِ
بتهمة الإشراقِ
في ليل السلامْ..
فاستئصلي بغداد من أيامنا
بغداد أنتِ
وأنتِ أعلى
من فضاءات المرايا
أنتِ سرٌّ
منه يبتدئ الحمامُ
وفيه.. ينتحرُ الحمامْ
ياسر الأطرش شاعر وكاتب - معد ومقدم برنامج ضمائر متصلة صحفي في تلفزيون سوريا، ولد سنة 1973م في مدينة سراقب، وهو عضو اتحاد الكتاب العرب منذ العام 1999 وحتى العام ...