إلى محمود درويش..
ــــــــــــــــــــــــ
بيني وبينكَ لا تمرُّ القبّراتْ
ها عدتَ درويشاً
وعدتَ
من الحضور إلى غيابكَ
من طقوس المبعدين إلى خوائكَ
من أكفّ العاشقين إلى مسائكَ
من لظى ريتّاكَ
جئت إلى الشتاتْ!..
بيني وبينكَ لا تمرُّ القبّراتْ
والطائراتُ
تمرُّ في أمسي وأمسكَ
في دُجى عُرسي وعُرسكَ
أنتَ قُلْتَ!..
وأنتَ شيّدتَ الصباح
من الجماجمِ
أنتَ علّقت العيونَ على الشبابيك القتيلةِ
أنت أيقظت الحصارْ..
ها عُدتَ
كي تُرخي على خمسين عاماً من حضوركَ، في خلايانا
ستارْ..
نَفْسُ الجدارِ.. قطعتهُ
حين اتّجهتَ إلى البنفسجِ
لو ثملتَ عيونهُ
خبّأتَ وجهكَ!
سوف يعرفكَ الجدارْ..
***
بيني وبينك لا يصبُّ البحرُ
دمعُ حبيبتي حَجَرٌ
وأجراس القصائد في ضفائرها
تضيعْ..
الآن تتَّسخُ المدينةُ
والخطا تمشي على الأجفانِ
تَكْسِرُ ظلّها
نامتْ حقولكَ يا دمي
وارتدَّ جسركَ للوراءْ
أرنو، ويُغلقني فمي
والأرض تطردها السماءْ
هل أنتَ تُطْلِقُ موسمي
أم أنتَ يُطْلِقُكَ البكاءُ
أسلمتُ قيدَكَ معصمي
فنسيتَني خلف النداءْ
والآن تتّسخُ المدينةُ
يسقط الليمون عن أغصاننا
ينسى المغنيّ عودهُ،
تُفاحَهُ..
ريتّا..
وأندلساً وشامْ!..
ها أنتَ وحدكَ في الزّحامِ
وأنتَ غادرتَ البنادقَ
ثمّ غادركَ الحمامْ
لا نصفكَ المنفى يشدُّكَ
لا التراب له يردُّكَ
صرتَ أينَ؟
وكنتَ مفتاح المسافة "بين مدخل جرحنا والإنفجارْ"
هل قلتَ: " قد كذب الزمان عليهِ"؟
هل كذب الزمان عليكَ
أم أنتَ الزمانْ؟!..
ها عُدتَ عُدتَ
ولم تعد يافا إلى يافا
وغزّةُ من ورقْ..
ما زال ملحكَ مالحاً
لم يخرجوا منها
دخلتَ
لكي تتمَّ خروجها منّا
وندخل كلّنا زمن الحبقْ..
نفسُ الخطا داستْ على نفس الخطا
داستْ علينا مرّتينْ..
والآن تتّسخُ الشوارعُ
تستقيلُ الشام من أيامكَ الأخرى
ويسقط بيننا
عامٌ طويلْ
ياسر الأطرش شاعر وكاتب - معد ومقدم برنامج ضمائر متصلة صحفي في تلفزيون سوريا، ولد سنة 1973م في مدينة سراقب، وهو عضو اتحاد الكتاب العرب منذ العام 1999 وحتى العام ...