الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » لك في ارتجال جلائل الهمم

عدد الابيات : 39

طباعة

لَكَ فِي ارْتِجَالِ جَلائِلِ الهِمَمِ

مَا عَزَّ لَوْ نَبْغِيهِ فِي الكَلِمِ

حَتَّى كَأَنَّ نَجَازَ مَوْعِدِهَا

بَعْضُ العُهُودِ عَلَيْكَ وَالذِّمَمِ

وَلَقَدْ نَبَيْتَ مُبَرِّحاً بِكَ مِنْ

أَلَمٍ وَلا تَشْكُو مِنَ الأَلَمِ

وَسِوَاكَ يَسْئِمُهُ الكِفَاحُ وَمَا

بِكَ فِي كِفَاحِ الدَّهْرِ مِنْ سَأَمِ

للهِ مَا أَحْدَثْتَ مِنْ غُرَرٍ

طَابَ الحَدِيثُ بِهَا لِكُلِّ فَمِ

أَضْحَتْ صَحَافَتُنَا تَتِيهُ عَلَى

أَخَوَاتِهَا فِي أَرْفَلِ الأُمَمِ

أَيَّدَْتَهَا تَأْيِيدَ ذِي ثِقَةٍ

مِنْ نَفْسِهِ بِالحَق مُعْتَصِمِ

كَمْ خَافَ صَولَتَهَا فَغَلَّلَهَا

بَاغٍ إِلَى أَنْ بَاءَ فِي نَدَمِ

ذَاتُ الجَلالَةِ لَيْسَ ضَائِرَهَا

مَرُّ السَّحَابِ وَظِلُّ مُحْتَكِمِ

تَارِيخُهَا فِي مَصْرَ مُذٌ نَشَأَتْ

تَارِيخُ جَهْدٍ غَيْرِ مُنْفَصَمِ

أَفْدِحْ بِمَا عَانَتْهُ صَابِرَةً

مِنْ مُرْهَقِ المَثْلاتِ وَالنِّقَمِ

هِيَ نَوَّرَتْ أَذَّهَانَ أُمَّتِهَا

إِذْ كَانَتِ الأَذْهَانُ فِي ظُلَمِ

هِيَ عَلَّمَتْهَا مَا الحَيَاةُ وَمَا

يُوحِيهِ مَجْدُ النيلِ وَالهَرَمِ

هِيَ بِاليَرَاعَةِ وَالصَّحِيفَةِ قَدْ

أَغْنَتْ غَنَاءَ السَّيْفِ وَالعَلَمِ

فاليَوْمَ أَنْصَفَهَا وَأَيَّدَهَا

عَلَمٌ رَعَاهُ اللهُ مِنْ عَلمِ

شَرَفاً عَلِيّ فَمَا فَتِئْتَ عَلَى

عَهْدِ الشَّجَاعَةِ فِيكَ والشَّمَمِ

لا تَطْرُقُ الإصْلاحَ عَنْ عَرَضٍ

بَلْ تَطْرُقُ الإصْلاحَ مِنْ أَمَمِ

أَعْدَدْتَ لِلدُّسْتُورِ عُدَّتَهُ

وَلَوَاحِظُ الأَحْقَادِ لَمْ تَنَمِ

عَجْلاً إِلَى الغَايَاتِ تَطْلُبُهَا

بِمَضَاء لا وَانٍ وَلا بَرِمِ

صَرْحٌ لِعِزِّهِ مِصْرَ تَرْفَعُهُ

وَأَسَاسُهُ مَتَخَضِّلٌ بِدَمِ

لَنْ يَبْلُغَ الصَّيَّادُ مَأْرَبَهُ

مِمَّنْ يَلُوذُ بِذَلِكَ الحَرَمِ

الدَّاخِلِيَّةُ دَوْحَةٌ هَرُمت

وَذَوَتْ نَضَارَتُهَا عَلَى الهَرَمِ

جَدَّدْتَهَا وَالخَيْرُ أَجمَعُ فِي

تَجْدِيدِ مَا أَعْيَا مِنَ القِدَمِ

فَضَمِنْتَ صِحَّتَهَا مشَذَّبَةً

وَأَوَلْتَ مَا اسْتَعْصَى مِنَ السَّقَمِ

إِجْعَلْ ثِقَاتِكَ حَكَماً

وَابْسِطْ مَجَال البّتِّ لِلْحَكَمِ

قُدْسُ القَضَاءِ رَجَعْتَ فِيهِ إِلَى

ذِكْرِ العَلِيمِ وَخِبْرَةِ الفَهِمِ

تَبْغِي صِيَانَتَهُ وَتَرْفَعُهُ

شَأْناً إِلَى العُلْيَا مِنَ القِمَمِ

لا تُبْقِ فِي نَفْسٍ بِهِ اضَّطَلَعَتْ

مِنْ حَاجَةٍ تَعْدُلْ وَتَسْتَقِمِ

كَشْفُ المَظَالِمِ لا يُرَامُ إِذَا

مَا رُمْتَهُ مِنْ كَفِّ مُهْتَضَمِ

تِلْكَ القَوَانِينُ الَّتِي اقتُرِفَتْ

فِي كُلِّ شَعْبٍ غَيْرِ مُلْتَئِمِ

شِئْتَ الْتِئَامَ شِعَابِهَا وَلَمَا

تَبْغِيهِ سِرٌّ غَيْرُ مُكْتَتِمِ

بَلْ حُكْمُهُ أَنْ يُسْتَشَفَّ مَدَى

غَايَاتِهَا مِنْ أَبْلَغِ الحِكَمِ

قَدْ تَمَّ الاستِقْلالُ مَدْرَجَةً

هِيَ وَحْدَةُ التَّشْرِيعِ وَالنُّظُمِ

نِعَمْ المُولَّى وَالزَّمَانُ رِضاً

هَذَا الأَبِيُّ الطَّاهِرُ الشِّيَمِ

لَبِقٌ بِلا مَذَقٍ وَلا مَلَقٍ

سَمِحٌ بِلا رِيَبٍ وَلا تُهَمِ

إِنْ تَنْنَدِبْهُ تَجِدْهُ مُنْتَدَباً

أَبَداً لِكُلِّ مَبَرَّةٍ عَمَمِ

أَوْ تَدْعُهُ لِلرَّأْيِ تُلْفِ لَهُ

فِيهِ جَلاءُ الصَّارِمِ الخَذِمِ

عَجِزَ البَيَانُ وَقَدْ هَمَمْتُ بِهِ

عَنْ أَنْ يُحِيطَ بِذَلِكَ العِظَمِ

هيهات يبلغني المرام وما

انأى مناط الشمس إن يرم

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

829

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة