أنا مكسورٌ كقصائدي يا لارا،
إنها لا تستقيمُ على خطوط أسطري،
وعرباتُ قوافيها تشهدُ انحدارا
العِوجُ في صميم الروحِ أضاعني
وامتزجت سمومه في أعظم أسراري!
لقد قرأتِ سراباً من شواردها؛
معذرةً… أرجو أن تقبلي اعتذاري
لا شك أنها أرعبتكِ بسوادها؛
أيقنتِ أن انكسارها هو انكساري!
لقد هرمت مستعبداً يا لارا
كبرغيّ في آلة الإنتاج وروتين الأيام
في سلسلةٍ لا تنتهي من الرقيق النيام
لأجل حفنةٍ من الرغيف والأوهام
تكسَّرَ ظهري في هجير الصحاري
أغزلُ ما لا أراهُ من أسطورة الأهرام
كقلاع رملٍ محاها الماء الجاري!
لقد كسرتني مطارقُ السنين يا لارا
هشمت عقلي وسفهت ضجيج أفكاري
حاولت أن أجمع جثث الأحلام
لأشيّدَ بها أركان داري
لكنها خرجت شوهاء للوجود؛
ذميمةً كدمية لطخها السّخام
حذارِ منها… حذارِ
لها هيئة المخيف من الأفلام
كأنها لوحة تحكي تاريخ دماري!
لقد هرمت مستعبدا يا لارا
في سلك العملِ الشائكِ ضاعت أعماري
ولم أمتلك من الوقتِ ما يكفي لأسبرَ أغواري
مجرد شبحٍ باهتٍ لم ينل حرية الكلام
حاولتُ أن أنقذ ذاتي من الضواري!
في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً
آهِ يا لارا كم تمنيتُ لو فككتِ إساري!
والعالمُ الأخرقُ لم يهوى أشعاري
لن أنشده شيئا بعد الآن
كيف أنشدهُ وقد حطم قيثاري؟!
أعلم أني قلبٌ مترعٌ بالآلام
ولذا أقدم مرةً أخرى يا لارا
لكِ وحدكِ خالص اعتذاري
كنت أحلمُ بشفاءِ القلوب من السقام
لو أضاءتهم قناديل أشعاري!
كنت أحلم بكلماتٍ توقد سربال الظلام
بيد أنَّ الحياة أغرقتني في الغروب
لأني كنت حالماً فيما وراءَ أقداري!
كسرتْ مصابيحيَّ وأطفأت أنواري
مزقتني شظاياً من الخطايا والذنوب
أظلمتني بذبح كلّ ما خلقتُ من أحلام
ولوثت بالخيبةِ والشرّ أصداء أوتاري
فمن بعدكِ يا لارا سيذكرني
إذا تخلت يدي عن دمعة الأقلام؟!
أنا منكسرٌ ومهزومٌ يا لارا
كسرتني الحياةُ…
دمرتني كثيراً… كثيرا
خشية أن أفصح عن شيخوختها
في كتب أسفاري
فتطفو على سطح الحقيقة
تلك التجاعيد المحفورة العميقة
المخبوءة بعناية تحت قناع امرأة لعوب
لقد أسأت تقدير كنهي وحجم ذاتي
حاربتها بحبري ودواتي
في عالم لا تكسب الكتب فيه الحروب
فآلت بي الأمور إلى دماري
كنت أشتهي افتضاح وجهها الملطخ بالأصباغ
لترى الأعينُ كم هي غارقةٌ في الشحوب!
من يجرؤ الآن إذن يا لارا
على ارتكاب خطيئة أفكاري؟!
لسوف أُنسى من بعدكِ يا لارا
وتموت للأبد عنقاء أشعاري
ما من أحدٍ بعدكِ سيذكرني يا لارا
يبحثُ عني… يقتفي أثري
يبكي الإنسان على أطلال آثاري!
62
قصيدة