الديوان » العصر العثماني » إبراهيم خيكي » براعتي في امتداحي منهل النعم

عدد الابيات : 149

طباعة

براعتي في امتداحي منهل النعمِ

قد استهلّت بديع النظم كالعلمِ

قد هام قلبي بتركيب الغرام فقل

بي ما تشا مطلقاً لم تقتصر هممي

كم ضلَّ لاحٍ بلفظٍ ظل ينشدهُ

والقلب ما مال لمَّا لام للندمِ

في المنهل العذب لا يختار منع ظما

مضنىً بتلفيق ما يرويه من عظم

مذ صاح داعي الهوى تممت دعوتهُ

وزد أيا صاحِ تطريفي ولم أُلَم

ان ذيل الحبُّ حبل الوصل منه بلا

فصل لحقتُ بنيل الجود والكرم

وقد تصحف حبُّ الغيد عندي كما

تحرّف القلب عن ذا القسم بالقسم

وملت نحو ابن نون المعنوي عسى

يصير لي كابن رعدٍ أو أبي الأُمم

مستطرداً خلفه خيل الغرام ولم

أخشَ النكال ولو فيه يراق دمي

وحرتُ في حبه والافتتان بهِ

انعى زماناً مضى هدراً بغيرهم

وقد تخيَّرت موتي في محبتهم

ولو طلبتُ سواهُ متُّ من ندمي

صدر المعالي لهم ترتدُّ راجعة

كردّ عجز مناويهم لصدرهم

قد اوجبوا القول اني عن محبتهم

قد ملت قلت الى الاتلاف والعدم

وطال تذييل سهدي في الغرام وقد

نام الخليّ ومضنى الحبَّ لم ينم

ومذ ناوا عن عياني عدت ملتفتاً

سيروا الهوينا بقلبي وارحموا سقمي

ساروا بخيل غرامي عندما استعرت

نار الجوى في ضميري يوم بينهم

واستخدموا في الدجى نجماً ليرشدهم

وقد رعتهُ ضحى انعام سربهم

وما اكتفيت بتمهيد الطريق لهم

بل رمت تشتيت منها شمل كل كمي

طابقتُ ان بدلوا قربي ببعدهم

ولا اطابق ان شحُّوا بوصلهم

ناقضتهم ان نووا هجري ولو بدلت

حالي وعدت رضيعاً غير منفطم

قابلت ذلي وفقري شقوتي نَعمي

بعزّهم والغنى والسعد والنعم

صبرت في الحب حتى قلت ممتثلاً

من حاول الكيَّ فليصبر على الأَلم

جعلت حبَّهم في الناس ملتزمي

وعن هوى غيرهم أعدو كمنهزمِ

بهم تشابه أَطراف حلت بهم

بهم أَهيم ولو طال المدى بهم

قال المناوي تناسَ حبهم رسلاً

فقلت مستدركاً لكن على ضرم

واربتُ مذ لامني اللاحي وقلتُ لهُ

حُييتَ يا سمج الأَخلاق والشيم

بالجدّ هازَلَني صحبي بقولهمِ

يهنيه أخصب جسماً مذ رأوا ورمي

وأَبهم النصح عذالي بشقشقةٍ

وليت شقَّ الحشى من قبل نصحهم

لما اختبرتُ أُموراً منهمُ صدرت

نزَّهتُ قلبي بحق عن ودادهم

يهجو بمعرض مدحٍ عاذلي شرفي

يقول سدتم بحمل الذلّ والتِّهم

فقلت متهكماًُ للمبتغي شرفاً

قد عشتَ معتبراً بُشراك بالندم

تغايروا في مديح الجاه وافتخروا

وكم رمى أهلهُ بالذل والنقم

فلا افتخار بغير الفضل ان به

سولةً تجعل الشان الوضيع سمي

اعمل صلاحا اهمل كل صالحةٍ

ودع كلام عدوَ الله كالعدم

جمع الكلام اذا ما لم يفد أدباً

لم تكتسب من جناه لذة الحكم

كلم اخا دعةٍ تعد اخا ملك

فيستوي منك قلبٍ غير منسقم

إن شكَّكت عينك اليمنى فإقلعَها

والقها تقتبس نوراً وأَنت عمي

فمن توجه نحو الله منتصباً

بكسرة القلب يبنيه كما العلم

اذا تزاوج ذنبي واعترفت لهُ

نفى عذابي وكافانيعلى الندم

وما رجعت الى نفسي أُؤبنها

نعم رجعت ولكن عند منهرمي

يا نفس اصغي لعتبي واقبليه كفى

كم تلزميني بفعل غير محتشم

فهل يبررني تسليم خدعتك

فلا لعمري ولو عدت الى العدم

لا كنتُ حياً ولا بُلغت نيل مُنًى

ان كنت اُصغي لدعواكِ وذا قسمي

حتى استعين على حسن التخلص مم

ما قد جنيت بمدحي معدن الكرم

يسوع بكر الاله ابن البتولة نج

لُ الأنبياءِ وربٌّ في اطّرادهم

نور الوجود وجود النور منهُ بدا

في الكون يا عكس شعب عن سناهُ عمي

فردٌ بهِ كل اجزاء الورى انحصرت

وذاته علة الاكوان من عدم

طبعٌ تثلَّث والتفسير جاءَ أبٌ

وابنٌ وروح إلهٍ غير منقسم

فالأب أولدهُ والروح أيَّدهُ

والخلق تعبدهُ مماثلي الخدم

ومذهبي في كلامي عن تجسده

لو لم يكن ما تخلَّصنا من النقم

لمَّا بدا لاح تشريع الخلاص لنا

حزنا الفدا وهدانا أوضح اللقم

شيئان قد اشبها شيئين حين بدا

وجودهُ في الدنى كالنور في الظلم

ناسوتُه طاهرٌ والبُّر ناسبهُ

لاهوتهُ ظاهرٌ والسرُّ كالعلم

وافى لينقذ حوَّا من خطيئتها

وتمم الفضل اذ أَوفى عن الامم

قد ردَّ مجد أَبيه في ولادتهِ

وقد رضي الله بعد الغيظ والندم

فهو الجليل وفي أرض الجليل بدا

جليل ترديده في غاية الحكم

تعليمهُ عذب ما شانهُ كذبٌ

تنبيك عن حكمٍ تشطير محتكم

ومن اشارتهِ في وعظهِ رجعت

جمع الخلائق عما في نفوسهم

قد أَوغل السير بالتبشير مجتهداً

على هدى شعبه بل سائر الامم

تؤلف الوزن والمعنى بشارُتهُ

لأَنها قد أَتت في غاية الحكَم

توشيع آياتهِ مذ اعلنت فضحت

ضلالة الملحدين ابليس والصنم

تقسميهُ معجزات في ذوي عللٍ

كالبرص والصمّ والعميان والبكم

ايجاز أوصاف ما اَبدت يداهُ يُرى

في الارض والبحر والافلاك والنسم

نوادر الجود فاضت من يديه ولم

تكف حتى الدما اَجرتها كالديم

وقد تعوَّد بسط الكف مبتهجاً

حتى على العود أَعطاها بلا ندمِ

جمعٌ تقسَّم في آلامهِ قِسماً

فالنفس في نعمٍ والجسمب في ألمِ

وجسمهُ من نحولٍ كالخلال غدا

وقد تشبه نور الوجه بالظلم

حتى تجاهل فيه الناس معرفةً

قالوا بهِ سقمٌ أم بالنبال رُمي

وقد توارى جمال الوجه مستتراً

لما عراهُ الحيا في ضيقة الرجم

في موتهِ قد تساوى في الأنام وفي

نهوضهِ أَظهر اللاهوت كالعلم

جلَّت قيامتهُ بالانتصار وقد

عزت قلوباً من التوهيم في غمم

صعودهُاخترع النهج القويم لنا

كي نرتقيه بجنحي البرّ والنعم

رقىعلى السحب بل فوق الكواكب بل

فوق السماء باضرابِ عن الاكم

وأرسل الروح من تلقاهُ منسجماً

على تلاميذه كالسن الضرم

وقال سيروا أَنا معكم بلا جزعٍ

تسهموا الأرض وادعوا سائر الأمم

فمنتركتم خطاياه لهُ تركت

ومن عقدتم عليه الحرم ينحرم

فارقوا كلَّماوى الحب وانعطفوا

نحو الذي مات حباً في خلاصهم

تمكنوا في وصاياه وقد طفقوا

يسعون بين الذباب الخطف كالغنم

توزعوا منزعين العجز وانتزعوا

باعِلزَبولاً وعزَّتهُ بعزمهم

الباذلو الحب بذل النفس يوم وغى

مستتبعين الهدى بالحفظ للذمم

مذ اودعوا الحب قد لذت نفوسهم

في ما النفوس تراهُ غاية الأَلم

دماهمُ رشت البيداء مذ نزعوا

رواية الكفر في تصحيح قولهم

غطوا السماءَ بدمع بالدما اشتركا

سما الربى لا سما الاجرام والديم

كم صرَّعوا حاسديهم في رواتهم

كم ابرأوا قاصديهم في صلاتهم

فالفضل مؤتلف منهم ومختلفٌ

لأن بطرس يسمو فوق كلهم

قد قام منهم امامٌ فاق اخوتهُ

وهو الصفا موضح الاشكال للامم

ايمان بطرس عين الحق معتقدي

نكت على من عصا بل عن سناهُ عمي

من يخسر العمر والدنيا بهم ربح

الدارين في حبه حسن اتباعهم

أو يعطف القلب يوماً نحو حبهم

يتعطفون بهِ في يوم دينهم

تؤلف اللفظ والمعنى رسالتهم

تألُّف الوعظ بالآيات والحكم

كم رصعوا حِكَماً من درّ وعظهم

كم فرَّعوا نعماً من برّ لفظهم

فاللفظ كالدرّ والعقيان مؤتلف

باللفظ فيهم كمنثور ومنتظم

سمّط عقودهمُ وارفع بنودهمُ

واخمد حسودهمُ بالذل والغمم

فما الملائك في بر وفي ثقةٍ

يوماً باطهر من تفريع برّهم

طهر النفوس اتساع الرأي خُصَّ بهم

بيض القلوب حسان الخلق والشيم

نحل الجسوم قريحو الجفون وهي

تكني عن النسك والاسهار والندم

تنسيق مجدهم تتميق مدحهم

توفيق سعدهم بنبي عن العظم

تلقى الهياكل في اعيادهم عقدت

فرائد الدرّ من ألحان مدحهم

تألف الوزن بالألفاظ جانسهُ

حسن النشائد بالإحسان والنعم

سجعي بمدحهم قد صار من قسمي

اذ فيه مغتنمي في موقف الحكم

جزَّيت من كلمي روَّيت من قلمي

ابديت من حكمي اهديت كل عمي

مدحي بمعرض ذمٍ قد يخص بهم

لا عيب فيهم سوى إكرام ربهم

من قد أعدَّ لهم ملكاًب وكمّلهُ

مذ خصَّهم أن يدينوا سائر الأمم

مخلّص رام تخليص العباد وقد

وافى وخلَّصهم بعد انشقاقهم

قد أبدع العدل في شرعٍ سما فنما

واينع الفضل فرعاً في حماهُ حمي

وفلك نوحٍ اتت عنوان بيعتهِ

فمن يلجها نجا من لجة العَرَم

كم هدَّ ركن ضلال حين أسسها

وكم ترشح منها الخير كالديم

تمليح انوارها أمست مشعشعة

ضاهت وَرَشليمهُ العلياءَ في الظلم

وحيدة جمعت قدس الرسالة في

ترتيب انذارها للعرب والعجم

لي منهلٌ من ينابيع الحياة بها

يطفي أُوامي بتجريدي من النقم

أهل الهدى قد أطاعوا شرع بيعتهِ

وقد عصاه العدى من فرط كفرهمِ

ما رام بالسيف يحمي حقّ مذهبهِ

ولا تعرَّض للإِلزام والرغمِ

وداعةٌ واتضاعٌ مع تقى ونقا

قد جمعتهم سجاياه مع الكرم

تعديد أَوصافهِ ربَّ الوجود سما

مولى عظيماً الهاً بارىء النسم

طيٌ ونشرٌ وتقريب بهِ وجفا

للغدر والودّ والافضال والامم

لو لم يُقم أُمَّهُ ملجا لأُمتهِ

لما تعلَّل انقاذي من النقم

بها مجازي الى دار النعيم وهي

باب السماء وبيت الحق والحكم

وهي النجاة لكل المؤمنين وقل

كل الانام وان بالغت لم تُلَم

فلو ترى توبة الشيطان ممكنةً

لأغرقتُه بتيار من النعم

كادت تردُّ زماناً فيه قد سقطت

كل الانام لكي تغلو بحفظ

قالوا هي العرش والتفريق

العرش موطى وهي ترقاه بالقدم

تأديب سيرتها الحسناء يخبرنا

عن حسن تهذيبها للطبع والشيم

فان توشحت الاكرام لا عجبٌ

لأنها أُم عين الجود والكرم

من كان نسبتهُ نعتاً لأُمتهِ

فتلك أَنصاره حسب اتفاقهم

شغلي بتطريز مدحي فيه مغتَنَمي

يا خير مغتنمٍ يا خير مغتنِمي

يداهُ كالبحر في تفريق ما جمعت

وفيضهُ البحر كم روَّى فؤاد ظمي

يعطي بشحٍّ وسحٍ ثم يوضحهُ

شحٍّ لمستغنم سحٍّ لذي كرم

حلٌّ وغلٌّ لهُ للمعنيين غدا

تالف نحو مأسورٍ ومحتكم

لا ينتفي منه ايجاب الجميل ولا

يعطي بشحٍ ومن يقصدهُ يغتنم

كرّر وسل شيم المستحسن الشيم

المستحسن الشيم المستحسن الشيم

وابكِ ونح وانتحب وامنح وجُد وأنل

فوّف وسرَّ وابتهج واطلب وسل ورُم

واصغي لقولي اذا حاجيت ملتفتاً

من جاز بحراً فهل يحصيه بالقدم

واعطِ ليومك ما يحتاج من اسف

واطرح لما فيه تلقَ حلَّ لغزهم

من شام تلويح إلهام وجدَّ على

تحصيله وجد السلوان في الغمم

لقد تبَّين لي حسن البيان وقد

تظاهر الحق والبرهان كالعلم

مذ شام طرفي بروقاً من سناه أَضت

راعى النظير بدمع فاض كالديم

وابيض اسود خطي حين دَّبج في

صفر الخدود مجاري مدمعي العتم

لذاك قد جيت يا مولاي معترفاً

بما تفضَّل من ذلي ومجترمي

فلو سمحت بعتقي لستُ معترضاً

حزت النجاة وكم سامحت ذا وصم

سلبت نعماك عدلاً من ذوي كسلِ

وزدت محترساً فضلاً على النعم

تُشاكل الخير خيراً والمسيءَ اسى

والشر شرَّاً وذا الاحسان بالكرم

فاعضد بنيك ولو ابقيت مندمجاً

بذلتي غير جود قط لم أرم

سلبت كل رجاءٍ في الانام وقد

أوجبت فيك الرجا يا عين مغتنمي

غادرت كلاًّ وما استثنيت من أحدٍ

الاَّك يا منقذي في يوم محتكمي

فاحنن عسى القلب يحظى قبل غايته

بعاطف منك لولا نورهُ لعمي

أنا الطبيب المرجي عف ذنبيَ

ابراهيم مستشهد دمعي على الندم

أرجوك من بعد مدحي والتخلُّص من

تاريخه ان تنجيني من الضرم

براعتي اظهرت ما فيَّ من طلب

فلا احتياج الى التصريح بالكلم

من قبل بدء حسابي يوم محتكمي

ارجو الخلاص وأُعطي حسن مختتمي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن إبراهيم خيكي

avatar

إبراهيم خيكي

العصر العثماني

poet-ibrahim-Khiki@

1

قصيدة

2

متابعين

أديب من أدباء النصارى في حلب. له بديعية في مدح النصرانية، جرى فيها على طريقة بعض أهل البديعيات، فالتزم في كل بيت نوعاً من البديع مع تسميته، فجمع ١٥٢ شكلاً بديعياً. توفي ...

المزيد عن إبراهيم خيكي

اقرأ أيضا لـ إبراهيم خيكي :

أضف شرح او معلومة