الديوان » العصر العثماني » يوسف الكفرقوقي » يا لائمي إن ترم بالعنف تلحاني

يا لائمي إن ترم بالعنف تلحاني
وتزدري جمع أعواني وألحاني
أنا الذي حق بالعصيان خسراني
أنا الحقير الكسير المسرف العاني
أنا الذليل الضعيف العاجز الواني
أنا المبالغ في لهوٍ وممتزح
أنا المشتت في جمع ومنتزح
أنا الحزين بما أبديت من فرح
أنا الضعيف كثير اللهو في مرح
أنا الجهول الغفول المذنب الجاني
أنا المقيم على التسويف في كسلي
أنا الغريق ببحر اللهو في زللي
أنا الذي موقع الإدبار من قبل
أنا الذي لا أفي بالعلم في عملي
أنا الذي ساءني جهلي وعصياني
أنا الملازم في الأعمال أوضعها
أنا المفارق في الأفعال أنفعها
أنا المباين في العلياء أرفعها
أنا المسوف في الأيام أقطعها
لهواً وسهواً بتفريطي وإركاني
أنا المبالغ في زهوٍ وفي كسلِ
أنا الذي تهت في سهوٍ وفي خللِ
أنا المفلل في قولٍ ومفتعل
أنا المضيع أوقاتي بلا عمل
يرضي الإله فيا ذلي وخسراني
أنا الذي فات عمري في الزمان سدى
أنا المقصر في سيري سبيل هدى
أنا المباين عمن للسبيل هدى
أنا المسيء وما لي حجةٌ أبدا
سوى رسوبي بتقصيري ونقصاني
أنا الذي فعله المجهول راكسه
أنا الذي درسه المعلوم دارسه
أنا المضاعة في خسر مجالسه
أنا الذي ضاع من عمري نفائسه
واحسرتاه على تضييع أزماني
أنا الذي لو خيم الذنب مقترف
أنا الذي بان في أفعاله السرفُ
أنا مزل عن التسديد منحرف
أنا الذي في مقام الذل معترف
بسوء فعلي وتقصيري ونسياني
كم ليلةٍ ذهبت لي غير باقيةِ
ضيعتها في ليال فتن فانيةِ
بزهو نفس عن التذكار لاهيةِ
كم غفلةٍ لي مضت في الليلِ قافيةِ
جررت فيها بطرف العجب أرداني
كم هفوةٍ سبقت لي كنت أرغبها
في فكرةٍ لم أكن في الفكر أحسبها
كم فاتني من كنوزٍ لت أرقبها
كم لفظةٍ برزت مني وقعت بها
في سوء ما كان من إثمٍ وبهتان
كم زلةٍ عن هواها النفس ما نبأت
دنت إليها وعن عين الصلاح نأت
كم شهوةٍ تابعتها في الشقا نشأت
كم شبعةٍ من خبيث الزاد قد ملئت
بها الحشا دون ملهوفٍ وجوعان
عُمري مضى وأراني غير منتبهٍ
أردد الفكر في حق ومشتبه
كمن تمادى بسوءٍ في مركَّبه
يا ضيعة العمر في لهوٍ سررت به
على سروري به يا طول أحزاني
يا غفلة أذهبت عمري بلا حسب
يرضى به الله في جد ولا طلب
ولا ترقيت في علم ولا أدب
يا خيبة السعي في لهو وفي لعب
يا صفقة خسرت من دون رجحان
يا خجلة النفس من خسران مكسبها
ويا شقاها بخبثٍ في مركبها
كم في هواها ليالي العمر تذهبها
يا مهلة ذهبت ضاع الزمان بها
في غير نفع وحادي الموت ناداني
وحل يرمي حسامي بالممات فلل
وحل بي عن نهوضي للمرام كلل
وعدت ما بين أبناء الزمان مثل
وجاءني الملكان السائلان عن ال
عقيدة الصدق في سري وإعلاني
وخاطباني بما قد كان من قبلي
بسوء فعلي مع التقصير في عملي
وطول ميلي إلى التسويف في زللي
فرب إفحام لفظٍ موجب خجلي
أو جزل قولٍ بلطف الله أعلاني
يقرعاني بأيام أضعت سدى
وفوت عمري بلا نفع قد اطردا
بالعجز واللهو خسراناً فني وعدا
والبعث من بعد هذا والنشور غدا
والعرض يوم الجزا في وضع ميزاني
فأي نازلةٍ بالخزي نازلةٌ
في صيحة الحشر والآفاق سائلة
والنفس تجزى بما في الأمس عاملة
وقد سئلت وما لي ثم نافلة
وحق بين يدي مولاي خسراني
يا وقفةً لي غدا بالذل في خجل
وليس لي حجة تفضي إلي أمل
أقيم عذري به في سوء مفتعل
بذلةٍ واحتقار في شقا عمل
فما انتفاعي بأصحابي وجيراني
أو كان غصن نظامي قد ذوى وحني
ومال بي مشتهى نفسي إلى محني
وحق بالجهل والتسويف ممتحني
أدعوك من خجل العصيان تمنحني
بحسن عفو وألطافٍ وغفران
إليك فيك ملاذي خفية وعلن
فاسمح لعبدك فيما قد خفى وكمن
سواك لا ملجأ قلبي إليه سكن
إن تعف عني فأهل للسماح وإن
عاقبتني يا شقا حظي وحرماني
رضيت عدلك في حكم وفصل قضا
في كل حالٍ على ما يرتجى ومضى
وإن صليت بما يرضيك جمر غضا
بعز عزك يا ذا العز جُد برضا
لذل ذلي فما لي عنك من ثاني
ما لي بحر اللظى صبرٌ ولا جلد
وليس لي غير ظني فيك معتمد
فاز الذي بك يا مولاي مستند
والحمد لله رب واحد أحد
منزه الذات عن كفؤ وعن ثاني
مقدس عن إشاراتٍ وعن عدد
وعن شبيه وعن مثل وعن جسد
وعن نظيرٍ وعن ند وملتحد
وعن قرين وعن أهل وعن ولد
وعن شريك وأشباه وأعوان
حاشاه من وصف تكييف ومن جهة
وكل أين وتحديد بمعرفة
وجل عن وصف ألفاظٍ وعن لغة
مقدس الذات عن إسمٍ وعن صفة
وعن إحاطة أفكار وأزمان
والشكر لله شكراً في متابعة
على وفا نعمةٍ بالفضل سابقة
ونسأل الله آلاء بعافية
وألف ألف صلاة في مضاعفة
تخص خير الورى من ال عدنان
من بالهدى لجميع الخلق مرسله
وبالنبوة والعليا مفضله
نهاية الفضل فيه بل وأوله
وآله الشرفا والتابعين له
ما مال ريح الصبا يوماً بأغصان
وما تولى زمان في تجدده
وما تسامى سماء في تأبده
وما الرسول ترقى في تأيده
وما ترنح ورق في تردده
وما تتابع بالكر الجديدان
العمر يفنى ويبقى ما بدا وخفا
من كل فعل بما يأتي وما سلفا
طوبى لمن يجعل التقوى له خلفا
إذا أتى الموت والعمر انقضى أسفا
أين الصديق الذي باللهو والاني
يحوطني أصدقاء دمعهم يكف
قد أنكروا فوت أيام لها ألفوا
وغبت عن وطني فيما به عرفوا
وصرت فرداً إلى مثواي وانصرفوا
عني جميعاً وقد فارقت أوطاني

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن يوسف الكفرقوقي

avatar

يوسف الكفرقوقي

العصر العثماني

poet-youssef-al-kafrqouqi@

7

قصيدة

5

متابعين

الشيخ يوسف بن سعيد (برو) بن علي المعروف بالكفرقوقي. شيخ شاعر، ينسب إلى قرية كفر قوق في قضاء راشيا بلبنان. عاش في الثلث الأخير من القرن العاشر الهجري. كان يزور دمشق ...

المزيد عن يوسف الكفرقوقي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة