الديوان » مظهر عاصف » الوشاح

فيكَ أبتدئُ الصّباحَ
وفيكَ أختتمُ الصّباحْ
وأدركُ أنّني أنثى
حَباها اللّهُ في رجلٍ
يجيءُ هديّةً للعمرْ
يجيءُ لمرّةٍ في العمرِ
يأمرُ في مشاعرِنا
وينهى في ممالِكنا
ونعشقُه... وإن أخطأْ
وتطلبُ عينُه النّعسى
_إذا ما  جاءَ يُغضبنا_ بأن نهدأْ
ولا تقوى بنا الأعصابُ بينَ حديثهِ الدّافي
بأن نسترجعَ الأعصابْ
ولا تقوى لنا عينٌ
إذا نظَرَتُه مُبتسمًا
 بأن تَسترجعَ الأهدابْ
فكم مَحظوظةٌ أنتِ؟
وكم مِن مرّةٍ حِيكت معالمُها على شفتيْ؟
فيضحكُ إذ أغازلُهُ
ولا يدري بأنّي من  ضَواحِكه
بأنّي شمعدانٌ ذابْ
فكم من خُصْلَةٍ رقصَتْ على كفّيهِ مُنهكةً؟
وكم مِن نبضةٍ سكَنَت على زِنديهِ مُرهقةً؟
وكم مِن نجمةٍ سقطَت لتسكنَ قربَ منزلِنا؟
وكم من زهرةٍ أرخَت مَسامعَها لدى الأبوابْ؟
وكنتُ أراقبُ الأمواجَ كيف تدورُ في ألمٍ
وكيف رياحُ أيّامي تُزيحُ الأمسَ والحاضرْ
فأنتَ غريقُ أمواجي
وأضحكُ حين تنثرُها
فقبلَكَ لم يكن بحري... سوى كوبٍ من الماءِ
وقبلَكَ لم يكن شطّي... سوى صحراءِ أحزاني
فجئتَ كزهر نيسانٍ
لتغدو زهر أزماني
وتحملَ عالمَ الفوضى
فقبلَكَ عالمي فوضى
ترتّبُه على مهلٍ
توضّبُه على شكلٍ
بهندسةٍ... بزركشةٍ
وتمحو أسودَ الألوانِ من قاموسِ ألواني
ومن عينيكَ أهربُ ثمَّ آتي
ومن عينيكَ أسرقُ مفرداتي
وأكتبُ عنكَ
عن رجلٍ غريبٍ
رمى دنياه مسكونًا بذاتي
وأدركُ أنّني أنثى
سكرتُ بعينِكَ اليمنى
غرقتُ بعينكَ اليُسرى
ومن شفتيكَ أشربُ قهوتي الحُلوة
ومن خدّيكَ أقضِمُ قطعةَ الحلوى
وريقُك خمرُ أعنابي
فمهما ثُرتُ في غضبي
أعودُ إليكَ وادعةً
أعودُ لرفعِ راياتي
ومهما قلتُ لن أرجعْ... مناكفَةً لأشواقي
دلالاً كانَ أم غضبًا
أراني عدتُ أدراجي
لألقى صوتَكَ الدّافي شجيًّا في مناداتي
فكيف ذهبتُ؟
عاقبْنِي
فيضحكُ إذ أعاتبُهُ
ولا يدري بأنّي من ضواحِكهِ
بأنّي شمعدانٌ ذابْ
أمامَكَ لا مواجهةٌ
أمامَكَ تسقطُ الأحقادْ
وتُكسرُ نعرةُ الأسيادْ
أعودُ لخيمةِ الأعرابِ.. امرأةً بلا ألقابْ
أعودُ كتابعٍ يرضى بأن يُقتادَ للأصفادْ
وأرضى أن تعنّفَني لأسبابٍ
وتُرضيني بلا أسبابْ
فسجنُك أيُّها الشّرقيُّ منغلقٌ بلا أبوابْ
لذا استنكرتُ ما لهجَت به عيناي مِن تَرحاب
فيكَ أبتدئُ الصّباحَ
وفيكَ أختتمُ الصّباحْ
ونقشتُ بسمتكَ الغريبةَ فوقَ شمسي
فوقَ ظلِّي
فوقَ زقزقةِ الحروفِ تميلُ مع ميلِ الرّياحْ
ونقشتُها فوقَ الورودِ
على طِلاءِ أظافري
وغزلتُهُا
_رَغمَ التّواضعِ في نسيجي_
فوقَ أطرافِ الوشاحْ
ونقشتُ حبّكَ في وريدي
زدني من العشقِ الجميلِ
وقل لأرضي إن فَتَرتُ: الآن زيدي
هذا نشيدي
من ردّدَ« الكوبليه» خلفَ غنائِنا؟
وترُ الكمانْ؟!
من كان يعزفُ لحنَنا؟!
ستقولُ: نبضي
لا حبيبي
إنّه قمرُ الزّمانْ
 


من شاهدَ التّانجو وكيف أحطتَني
وملكتَ خصري حينها؟
الكلُّ شاهدَ ما جرى
الكلُّ كانْ
ومضى الجميعُ ليرقصوا
وتبخَّروا
وبقيتَ وحدَكَ في المكانْ
حتّى إذا حلَّ المساءُ
سرقتَني حتّى الصّباحْ
وملكتَنِي من أخمصِ القدمين حتّى مَفرِقي
 


ونثرتَ أقمارَ السّماءِ بمنزلي
وسكبتَ أنهارَ الجبالِ بأبحُري
حتّى بحلمي... أنتَ مَن يرتادُني
أنتَ مَن يُهدي لحزني في مناكَفتي ارتياحْ
أنتَ مَن يُبري جروحي
كيف لا... دمتَ الحبيبَ بلا جراحْ؟!
فكم محظوظةٌ أنتِ؟
وكم مِن مرّةٍ حِيكَت معالمُها على شفتي
وأدركُ أنّني أنثى
أرادت طيَّ ماضيها
 


وأن تتكوَّرَ الدّنيا
وأن تتمحورَ الدّنيا على كفّيكَ قانعةً
بأنَّ يديكَ عالمُها
جزيرتُها
محارتُها
وشرفتُها
ويكفي إن تباعدنا بأجسادٍ لها قدرٌ
بأن تتوحّدَ الأرواحُ
أن تتوحّدَ الأرواح...

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مظهر عاصف

مظهر عاصف

101

قصيدة

" مظهر عاصف" أحمد علي عودة. - شاعر أردني مِن أصول فلسطينية. - من مواليد مدينة (عمان) 31/10/1980 - أعمال مطبوعة: فلسفات جنازة (شعر) هناك (شعر) السّادسة صباحًا (شعر) ما لم يقله أحمد عود

المزيد عن مظهر عاصف

أضف شرح او معلومة