السّادسةُ صباحًا أنتظرُ في تراجيديا الصّدفةِ صدفةً غريبةً ولفتةً يتيمةً تكفي لألتقيكِ تمنحُنا ساعةً للحديثِ وساعةً لفضّ النّزاعاتِ الّتي لم نخضها وبعضَ الدّقائقِ الّتي لا تتحرّكُ من مكانها أنتظرُ منذُ أن صارَ الانتظارُ حلًّا مفروضًا على عتباتِ العتابْ أنتظرُ منذ أن صارت العيونُ ألسنةً لا تتقنُ المُباشرةْ فزقاقُنا المُكتظُّ بِمَنْ يشبهني أمرٌ مخيفْ ودروبُنا المكدّسةُ بمن ينتظرُك أمرٌ مخيفْ إنّها الجدرانُ فلماذا تبدو على شكل مرايا؟ وهي المفرداتُ فلماذا تحلّقُ بارتفاعٍ يناسبُ قوامَكِ؟ وهم الرّجالُ وقصّاصو العطرِ الفريدِ حين يشتمّون أقراطَك على يدي؟ أنتظرُ والعبارةُ لا تَحترِمُ القائلَ ليكرّرَ قائلُها أخرى والصّدفةُ لا تنتظرُ التّفكيرَ ولا التّأجيلَ ولا تحترمُ الخائفَ من طيشِ الكلماتْ فالحرفُ سيّدتي مخيفْ عيناكِ القادرتانِ على استقطابِ مَن يُشبهُني مِن بحَّارةِ الأحداقِ العميقةِ أمرٌ مخيفْ والهدوءُ الّذي أنتِ فيهِ البرودُ الّذي أنتِ فيهِ الشّرودُ الّذي أنتِ فيهِ أمرٌ مُخيف ومعنى ألّا تكترثي لموجِ الخيالِ ألّا تقذفي طوقَ النّجاةِ للحروفِ أمرٌ مخيفْ أنتظرُ نهايةَ هذا النّقاشِ الذي ما بدأنا بهِ وأعلمُ أنّ الرّسائلَ قد لا تفي بالغرضْ لكنّني كتبتُها وفي هذه الحربِ الباردةِ بيني وبينَ مَن يعلّقُ صورتَك على حائطِهِ بيني وبينَ مَن ينحتُ من القصيدةِ امرأةً عاريةً تفوقُ ما نحتُّهُ مِن نساءْ بيني وبينَ مَن يدسُّ عطرَك في مساماتهْ بيني وبينَ من يُخفيكِ خلفَ جدارٍ زجاجي أنتظرُ في تراجيديا الصّدفةِ صدفةً تُنصفُني فأنا على بُعدِ خمسِ خطواتٍ وصدفةْ ووجهُكِ المموسقُ بالحُمرةِ على بُعدِ خمسِ ورداتٍ وصدفةْ هل قرأتِ رسالتي؟ مرِضَت وشاختْ دون أن تتفقّدي أحوالَها قد قلتُ فيها: لا تكوني مثلَ هذا القلبِ جدًّا قاسيةْ فالصّدفةُ الّتي انتظرتُها يُخيفُني مجيئُها ووحدهُ الصّقيعُ مَن يحولُ بيننا تتجمّدُ أطرافُ الكلماتِ المثيرةْ درجاتُ الشّوق تنخفضُ إلى ما تحتِ الصّفرْ يلبسُ شبقُ العينين معطفَ الكسل فجأةً ويساعدُ الخوفُ على اتّخاذِ قرارِ الرّحيلْ القرارُ سيّدتي بحاجةٍ لتوقيعينْ شنقُ السّطور بحاجة لتوقيعينْ ولستُ صاحبَ القرارِ كي أوقّعْ ولستُ صاحبَ المكانِ كي أعودَ أو أغادرْ خدي نفسًا عميقا ثمَّ قولي للمطر: كفاكَ إزعاجًا للطّيور: كفاكِ ثرثرةً للرّياح: كفاكِ اشتعالًا قودي خيالَكِ للبحرِ الّذي لا يروقُ لي واسمعي لفيروزَ الّتي لا تطرُبُني واغضبي بعيدًا كي تنتصري على شرقيّتي الملولةْ هنا... أي على طرفِ القرار سأنتظرْ دكتاتوريتي الآنَ مستسلمةٌ لتشذيبِ القنوطْ مخالبي لا تخرمشُ في الانتظارِ سواي القلقُ يُلغي شرقيّتي فأبدو متحرّرًا الحزنُ الآن يعودُ كما يعودُ الشّعراءُ مِن حربِ القصيدةِ المغنمُ بيتُ شعرٍ والمحرّضةُ أنثى هل قرأتِ رسالتي؟ كنتُ بمفردي بعد حادثةِ السّقوط الأولى والثّانيةِ والعاشرةِ لم أداوِ مِن جراحي أيَّ جرحٍ في النّزيفْ إنّي نزفتُ على ثيابِ الصّبر مرّاتٍ كثيرةْ كنتُ كفًّا تعجُنُ الشّعرَ الّذي يبدو رغيفًا للجياعِ العاشقينْ
ما لوّث الأغرابُ قلبي ثمَّ جاءَ العشقُ يعلنُ عن وباءٍ قد يميتُ الصّادقينْ هل قرأتِ رسالتي؟ إنّي خلطتُ الشّعرَ فيها مع بقاياي الحزينةِ أنتِ مثلي لم أعاتبْ بل ذكرتُ الصّدفةَ الأولى فهذا ديدنُ الضّعفاءِ دومًا يذكرون الصّدفَةَ الأولى ويخشونَ الأخيرةْ هل قرأتِ؟ لم أقل شيئًا عظيمًا تُرَّهاتٌ بعضُ حزمٍ زائفٍ بعضُ نزفٍ دافئٍ ذِكرُ الصّقيع وما يكونُ مِن الصّقيعْ حتى وصلتُ إلى النّهايةْ قلت فيها: لا تكوني مثلَ هذا القلب جدًّا قاسيةْ أنتِ القادمةُ إلى هذا الإنسانِ المُتعبِ والرّاحلةُ سريعًا فور نفادِ اللّحظات الممنوحةِ لي واللّحظة أكبرُ منّي أقتربُ كنايٍّ خاطبَ لحنًا لا يتّسعُ لموّالِهْ لا يتّسعُ لحجمِ النّغمِ المَهدورِ تِباعًا صوتُك لا يُسمِعُ حرفي وقعَ خطاهُ المذعورةِ مَن خافَ الآخرَ؟
لا يَعنينِي دمتُ أفكّر أن أقتلَ ما خَلف الشّاعرِ إنساني لا يصلحُ للعيشِ بهذا الوقتِ الفاشستي الطّفلُ العابثُ في سريّة هذا القلبِ قديمًا شاخْ اللّحظةُ أكبرُ منّي وأنا أصغرُ مِن هذا الطّيش اللّاهثِ خلفي يا سيّدتي... لا أتجرّأُ أن أعشقَ ما يعشقُه النّاسْ لا أتجرّأُ أن أعشقَ نهدًا محفوفًا باللّذةِ والنّارْ خصرًا يهتزُّ فتهتزُّ الأشعارُ لأجلِهْ لا أتجرّأُ أن أبدو مِصباحًا يشتعلُ بزيتِ الأشواقْ لا أتجرّأُ يا سيّدتي لا أتجرّأُ... فالحبُّ مخيف.
" مظهر عاصف" أحمد علي عودة.
- شاعر أردني مِن أصول فلسطينية.
- من مواليد مدينة (عمان) 31/10/1980
- أعمال مطبوعة:
فلسفات جنازة (شعر)
هناك (شعر)
السّادسة صباحًا (شعر)
ما لم يقله أحمد عود