أخلاي من لي ان ودي أضاعه
غزال وعني قد أطال انقطاعه
ومذ رام يوليني الوفا واجتماعه
رأى اللوم من كل الجهات فراعه
فلا تنكروا اعراضه وامتناعه
وان شمتموه يا أخلاي صدني
دعوه فغصن البان لا بد ينتمي
وباللَه لا تبدوا اليه تحزني
ولا تسألوه عن فؤادي فانني
علمت يقينا أنه قد أضاعه
ظلوم ومنه الطرف زاد انكساره
وقد شف قلبي غمزه وازوراره
فلا تعجبوا ان شط عني مزاره
هوالظبي أدنى ما يكون نفاره
وأبعد شيء ما يزيل ارتياعه
لقد ذاب قلبي في تدانيه والنوى
ومت غراما من تجنيه والجوى
فيا ليته عن مذهب الهجر ما لوى
ويا ليته لو كان من أوّل الهوى
أطاع عذولي واكتفينا نزاعه
فسقيا لأيام أرانا أمانه
بها جمع شمل حيث طاب زمانه
وشتت واش طال فينا اقترانه
فما راشنا بالسوء الا لسانه
وما خرب الدنيا سوى ما أشاعه
لقد كال منه اللوم في الحب واعتدى
وأغرى حبيبي بالصدود وفندا
ولما رآه صدّ عني وأبعدا
وشاع الذي أغرى بنا ألسن العدا
وطير عن وجه التغالي قناعه
فأمسيت والاشواق مني خليلة
وأدمع عيني في الغرام كليلة
وأصبحت مالي بين قومي حيلة
وأصبح من أهوى على فيه قفلة
يكتم خوف الشامتين انفجاعه
وعهدي الذي أولاه في بنقضه
وودي قدما لم يجد لي ببعضه
وأعرض حتى لم يخف يوم عرضه
وآلى على أن لا أقيم بأرضه
وأحرمني يوم الفراق وداعه
فزادت عداتي عند ذاك شماتة
وظبي النقا أبدى لحالي جهالة
وقال ارتحل لا تبغ فينا اقامة
فسرت وسيري خطوة التفاتة
الى فائت مني فأرجو ارتجاعه
وقلت عسى بدري يعود لاصله
ويرثي لحالي فهي عادة مثله
فأغضى ومذ آيست عودا لوصله
ذرعت الفلا شرقا وغربا بالاجله
وصيرت اخفاف المطي ذراعه
ووادي الشقا في الحب جزت صراطه
وطرفي لثام النوم عني أماطه
ورحت حديث الحب أرجو التقاطه
فلم يبق بر ما طويت بساطه
ولم يبق بحر ما رفعت شراعه
ورمت معينا ألتقيه على الجوى
فقد ذبت بالاشواق والقلب مارتوى
ولم أدر ما ذنبي لدى الحب والهوى
كأني ضمير كنت في خاطر النوى
أحاط به واشي السرى فأذاعه
فما زلت عن جي الاحبة نائيا
وطرفي غداة البين ما زال باكيا
وناديت لما ذبت من شدة العيا
أخلاي من دار الهوى زارها الحيا
ومدالها صالح الغيث باعه
لقد ذاب قلبي والتباعد راعني
وصبري في ستر الهوى ما أطاعني
سأكتمه والشوق للحب باعني
بعيشكم عوجوا على من أضاعني
وحيوه عني ثم حيوا رباعه
وبثواغر ما صححته رواته
عن الشوق عن قلب ذكت جمراته
وبي عرضوا ان أمكنت فرصاته
وقولوا فلان أوحشتنا نكاته
فما كان أحلى شعره وابتداعه
ويا طالما قد كان يبدي معارفا
وتسمع في الآداب منه لطائفا
وهل مثله يكفي لهمك صارفا
فتى كان كالبنيان حولك واقفا
فليتك بالحسنى طلبت اندفاعه
ولا كنت تبدي من صدودك ما بدا
ففيه لقد شمت في الناس حسدا
ومن بعد ما أسقيته أكؤس الردا
أبحت العدا سمعا فلا كانت العدا
متى وجدوا خرقا أحبوا اتساعه
فيا ليته عن حالتي قد تفحصا
ولا كان لي بالبعد والهجر خصصا
لاني في ودي له كنت مخلصا
فكنت كذى عبد هوا لرجل والعصا
تجني بلا ذنب عليه فباعه
ومال الى قول العواذل والتوى
وصد وقتلي في التباعد قد نوى
وسلم طوعا أمره حالة النوى
لكل هوى واش فان ضعضع الهوى
فلا تلم الواشي ولم من أطاعه
فيا أيها الولهان في الحب قلبه
ويا من وفاه بالتواصل حبه
ويا من تقضى في المحبة نحبه
اذا كنت تسقى الشهد ممن تحبه
فدع كل ذي عذل يبيع فقاعه
أخلاي قلبي لست أحصى اشتياقه
فباللَه بثوا للحبيب احتراقه
وهاتوا اذكروني عنده يا رفاقه
وقولوا رأينا من حمدت افتراقه
ولم ترنا من لم تذم اجتماعه
فيا طالما قد كنت عنه مسترا
ولم أك في شيء عليه مقصرا
وهل يلتقي مثلي الى السر مضمرا
واين الذي كالسيف حدا وجوهرا
لمن رام يبلو ضره وانتفاعه
واني اليكم قد أتيت معاتبا
لعلكم في الصلح تبنوا مراتبا
فقولوا أتي المسكين للباب تائبا
وما كنتما الايراعا وكاتبا
فمل وألقى في التراب يراعه
فهذا الذي أرجوأ خلاي في الورى
فباللَه عني حدثوه بما جرى
وأبدوا سماعا عند ذاك ومنظرا
فان أطرق الغضبان أو خط في الثرى
فقولوا فقد ألقى اليكم سماعه
ففي تلك بشرى للمشوق برجعة
لسالف عيش بل وتسكين روعة
ومن بعد ذا عني صفوا فرط لوعة
عسى يذكر المشتاق في طي رقعة
فحسب الأماني أن تريني رقاعه
وألثم خطا في ذراها تنمقا
وأشفى فؤاد بالبكاء تحرقا
ومن بعدها لم أبغ شملا تفرقا
فرب كتاب كان أشهى من اللقا
اذا ضمه المهجور أطفى التياعه
فاللَه ظبي بالوفا ما أضنه
وللَه قلب للقا ما أحنه
فبثوا برفق لي أخلاي حزنه
وباللَه كفوا عن تماديه انه
رقيق حواشي الطبع أخشى انصداعه
وباللطف قولوا ذاب فيك من البلا
ولم نلقه أصلا عن الود قد سلا
وهذا اذا أبدى اليكم تحملا
وان تعرفوا في وجهه نظرة الفلا
فاياكم مماينا في اتباعه
فان ظن سوءا بي فباللَه وافقوا
وان لم يكن حقا على فنافقوا
وفي كل ما يبدي من القول صادقوا
وان نصب الشكوى على فسابقوا
وقولا نعم نشكو اليك طباعه
وهاتوا اذكروا عن شرح حالي عجائبا
وأبدوا ولو بالزور عني مناقبا
وقولوا نراه في الوداد ملاعبا
وان راسم سبي فاحدثوا ثوالي معائبا
وسبا بليغا تحسنون اختراعه
ولا تذر واشيئا فها قد أمرتكم
واني لما يرضى الحبيب أذنتكم
وقولوا بأني في المعاهد خنتكم
ولا تختشوا اثما فاني أجزتكم
اذا كان من أهواه يهوى استماعه
لاني من الابعاد ما زلت خاشيا
ولم أك أسرار المحبة فاشيا
فلا تجعلوا عند الكلام تحاشيا
وميلوا إلى ما مال لو كان واشيا
وخلوا له أوضاعه واختراعه
وان كان بالهجران للصب ظالما
دعوه فذافي الحب ما زال حاكما
وبي بشروا بالقرب من كان لائما
وهنوا رقيبي بالرقاد فطالما
جعلت على جمر السهاد اضطجاعه
واياكم لا ذقتم الدهر بعده
يجور على من ذاق في الحب فقده
وباللَه لا تؤذوا شج رام عهده
ولا تحسدوا ودا بن يومين عنده
فان حبيبي تعلمون خداعه
وتدرون ما للمستهام أكنه
وسلواه من بعد الغرام ومنه
ولكنكم ميلوا لما قد أسنه
ودوروا على حكم الغرام فانه
قضى لظباه أن تهين سباعه
فيا من شكى للناس أهانه
ودهر ابطيب الوصل في الحب خانه
ألا اسمع لقول شرعنا قد أبانه
ضعيف الهوى من بات يشكو زمانه
وأضعف منه من يرجى اصطناعه
فخل الهوى ان كنت تشكو لآله
لانك لم تعلم حقيقة حاله
وهل يدرى مضنى الحب يوم انفصاله
ولو علم المشتاق عقبى اتصاله
لآثر بين الشامتين انفجاعه
ويا قلبي المضنى تسل عن اللقا
فقاضي الهوى في الحب قد ألزم الشقا
فمن رام خلال بعد ذاك موافقا
ومن طلب الاحباب حرصا على البقا
فما رام بين الناس الا ضياعه
وذي حالتي بين الأنام شهيرة
فيا قلب دعها عنك فهي مريرة
وأي غراملم ترى فيه سيرة
وكل اتحاد الهوى فيه ثورة
ولم يكسب المخمور الا صداعه
محمد صادق بن محمد بن حسين، المعروف بابن الخراط. ولد سنة 1730 م.
من شعراء دمشق. حنفي. له (ديوان - خ) 40 ورقة في الظاهرية، وتخميس قصيدة لابن النحاس، سماه (حكاية ...