الديوان » العصر المملوكي » يوسف الرندي » لما تناهى الصب في تشويقه

عدد الابيات : 64

طباعة

لما تناهى الصب في تشويقه

درر الدموع اعتاضها بعقيقه

متلهفٌ وفؤاده متلهب

كيف البقاء مع احتدام حريقه

متموج بحر الدموع بنجده

أنى خلاص يرتجى لغريقه

متجرع صاب النوى من هاجرٍ

ما إن يحن للاعجات مشوقه

يسبي الخواطر حسنه ببديعه

يصبي النفوس جماله بأنيقه

قيد النواظر إذ يلوح لرامقٍ

لا تنشى الأحداق عن تحديقه

للبدر لمحته كبشر ضيائه

للمسك نفحته كنشر فتيقه

سكرت خواطر لامحيه كأنهم

شربوا من الصبا كأس رحيقه

عطشوا لثغر لا سبيل لريقه

إلا كلمحهم للمع بريقه

ما ضر مولىً عاشقوه عبيده

لو رق إشفاقاً لحال رقيقه

عنهه اصطباري ما أنا بمطيعه

مثل السلو ولا أنا بمطيقه

سجع الحمام يشوق ترجيع الهوى

فأثار شجو مشوقه بمشوقه

وبكت هديلاً راعها تفريقه

ويحق أن يبكي أخو تفريقه

وبكاء أمثالي حقٌّ لأنني

لم أقض للمولى أكيد حقوقه

وغفلت في زمن الشباب المنقضي

أقبح بنسخ بروره بعقوقه

وبدا المشيب وفيه زجر ذوي النهى

لو كنت مزدجراً لشيم بروقه

حسبي ندامة آسف مما جنى

يصل النشيج لوزره بشهيقه

ويرم ما خرم الهوى زمن الصبا

ويروم من مولاه رتق فتوقه

ويردد الشكوى لديه تذللاً

عل الرضا يحبيه درك لحوقه

فيصح من سكر التصابي صحوه

نسخاً لحكم صبوحه بغبوقه

لو كنت يممت التقى وصحبته

وسلكت إيثاراً سواء طريقه

لأفدت منه فوائداً وفرائداً

عرضت تسام لرإبح في سوقه

لله أرباب القلوب فإنهم

من حزب من نال الرضا وفريقه

قاموا وقد نام الأنام فنورهم

هتك الدجا بضيائه وشروقه

وتأنسوا بحبيبهم فلهم به

بشرٌ لصدق الفضل في تحقيقه

قصرت عنهم عندما سبقوا المدى

ولسابق فضل على مسبوقه

لولا رجاء تلمحي من نورهم

يحيى الفؤاد بسيره وطروقه

وتأرجٌ يستاف من أرواحهم

سبب انتعاش الروح طيب خلوقه

لفتنت من جراء جرائري التي

من خوفها قلبي حليف خفوقه

ومعي رجاء توسل أعددته

ذخراً لصدمات الزمان وضيقه

حبي ومدحي أحمد الهادي الذي

فوز الأنام يصح في تصديقه

أسمى الورى في منصب وبمنسب

من هاشم زاكي النجار عريقه

الحق أظهره عقيب خفائه

والدين نظمه لدى تفريقه

ونفى هداه ضلالةً من جائرٍ

مستوثق بنعوته ولعوقه

سبحان مرسله إلينا رحمة

يهدى ويهدي الفضل من توفيقه

والمعجزات بدت بصدق رسوله

وحقيقه بالمأثرات خليقه

كالظبي في تكليمه والجذع في

تحنينه والبدر في تشقيقه

والنار إذ خمدت بنور ولاده

وأجاج ماءٍ قد حلا من ريقه

والزاد قل فزاد من بركاته

فكفى الجيوش بتمره وسويقه

ونبوع ماء الكف من آياته

وسلام أحجار غدت بطريقه

والنخل لما أن دعاه مشى له

ذا سرعة بعروقه وعذوقه

والأرض عاينها وقد زويت له

فقريب ما فيها رأى كسحيقه

وكذا ذراع الشاة قد نطقت له

نطق اللسان فصيحه وذليقه

ورمى عداه بكف حصباء فانثنت

هرباً كمذعور الجنان فروقه

وعليه آيات الكتاب تنزلت

تتلى بعلو جلاله وبسوقه

فأذيق من كأس المحبة صرفها

سبحان ساقيه بها ومذيقه

حاز السناء وناله بعروجه

جاز السماء طباقها بخروقه

ولكم له من آية من ربه

ورعاية وعناية بحقوقه

يا خيرة الأرسال عند إلهه

يا محرز العليا على مخلوقه

علقت آمالي بجاهك عدة

والقصد ليس يخيب في تعليقه

ووثقت من حبل اعتمادي عمدة

لتمسكي بقويه ووثيقه

ولئن غدوت أخيذ ذنبي إنني

أرجو بقصدك أن أرى كطليقه

وكساد سوقي مذ لجأت إلى بابكم

يقضي حصول نفوذه ونفوقه

ويحن قلبي وهو في تغريبه

لمزاره لرياك في تشريقه

وتزيد لوعته متى حث السرى

حاد حداً بجماله وبنوقه

وأرى قشيب العمر أمسى بالياً

ومرور دهري جد في تمزيقه

وأخاف أن أقضي ولم أقض المنى

بنفوذ سهم منيتي ومروقه

فمتى أحط على اللوى رحلي وقد

بلغت ركابي للحمي وعقيقه

وأمرغ الخدين في تربٍ غدا

كالمسك في أرج شذا منشوقه

وأعيد إنشادي وإنشائي الثنا

ببديع نظم قريحتي ورقيقه

حتى أميل العاشقيين تطرباً

كالغصن مر صباً على ممشوقه

وتحية التسليم أبلغ شافعي

وثنا المديح حديثه وعتيقه

ولذي الفخار وذي العلى ووزيره

صديقه وأخي الهدى فاروقه

مني السلام عليهم كالزهر في

تأليفها والزهر في تأليفه

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن يوسف الرندي

avatar

يوسف الرندي

العصر المملوكي

poet-yusuf-al-randi@

9

قصيدة

13

متابعين

يوسف بن موسى بن سليمان بن فتح بن محمد الجذامي الرندي. شاعر، من فضلاء القضاة. ولي القضاء ببلدته وغيرها. وصنف (الخصائص النبوية) و (أرج الأرجاء في مسرح الخوف والرجاء) وخمس (البردة) وله ...

المزيد عن يوسف الرندي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة