الديوان » مظهر عاصف » السّلمون

السّادسةُ صباحًا
يسيرُ السّلَمونْ مَعَ التَّيارْ
يزدري الماءَ
يَطرُقُ أبوابَ اليَابسةِ
ويَشتُمُ باقي الأسماكْ
هناكَ صغيرٌ لمْ يبلُغِ الحُلُمَ بَعدْ
لمْ يَبتلعْ الطُّعْمَ بَعدْ
يعتقدُ بأنَّ النَّهرَ عدوٌ للقرشِ
وللدِّبَبةْ
أنَّ النَّهرَ هوَ البيتُ الآمنُ للأجيالِ القَادمةِ ببراءتِها الحذِرَة
لكنَّ النَّهرَ صديقُ الصِّنَّارةِ... والشَّبكَةْ
وحليفٌ لا يُخلِفُ وعدًا معْ أعتى الحيتانِ
وأقسَى القَتَلَةْ
النَّهرُ هوَ السِّمسارُ الأكثرُ تَجرِبَةً
بشراءِ وبيعِ الأصدافْ
والأكثرُ بُغضًا للأسلافْ
لا حياةَ في النَّهرِ المُكتظِّ بالكائناتْ
لا دوائِرَ في دوّامتِهِ المُحتفيةِ بالدَّواماتْ
تَفقِسُ البيوضُ بشكلٍ هِستيري
تحتفلُ الضَّفادعُ بعشاءٍ رديءِ الطَّعمِ بشكلٍ هِستيري
وتمتنعُ الضِّفتانِ عَنِ الوقوفِ على جانبيهِ
فيستبدلُها بحجارةٍ فولاذيّةْ
هناكَ مَوَّالٌ يَجلسُ وحيدًا على تلَّةٍ مِنْ طحالبْ
لا يكرِّرُ الكوبليهْ مرَّتينْ
لا يُثيرُ السَّلمونْ ليَرقصْ
"إلى المحيطْ"
هذا مَطلُعُ الأغنيةِ بعدَ الموَّالْ
الجمعُ يردِّدُ هذا المَطلعْ
الصَّغيرُ الّذي لم يَعدْ صغيرًا
زوجتُه الّتي أنجَبتْ بعدَ مخاضٍ عسيرٍ ذَكَرًا
يحمِلُ كلَّ صِفاتِ أبيهْ
أولادُ عمومتِهِ... جيرانُهْ
الكلُّ يردِّدُ هذا المَقطعْ
ويسيرُ الكلُّ معَ التَّيارْ
"إلى المحيط"
يتساءلُ مَن لا يملِكُ عقلًا: والنَّهر؟!
يُطعَنُ في الظَّهرْ
وَيَلَوحُ مُحيطٌ أكبرُ مِن كلِّ الأسماكِ
وأصغرُ مِن قَبرْ
ويسيرُ الكلُّ معَ التَّيارْ
هذهِ نبوءةُ الأوغادْ
حِكمةُ الرّاياتِ البيضاءْ
وتُجَّارِ الحقائبِ السَّوداءْ
والموائدِ المُستديرَةْ
هذه نبوءةُ الهدوءِ الّذي يمقُتُ العاصفةْ
ويكرهُ المُرتفعْ
مَطلعُ ما قالهُ مُنَجِّمٌ عنِ السّلمونْ
وكرَّرهُ التَّيارُ كثيرًا كي يُصبحَ عادَةْ
كي يُصبحَ مُعتَقدًا في الموروثاتْ
يشتعلُ النَّهرُ أخيرًا
يشتعلُ التَّيارْ
خرجَ الموتى للنُّورِ الأسودِ أفواجًا
في المستنقعِ الأوَّلِ حَربٌ
والثَّاني أبواقُ نِفَاقْ
والثَّالثُ مَنْ سُمِّيَ بِمُحِيطْ
والسّلمون مازالَ يُغنِّي
والفوجُ القادمُ منهُ على المِيعادْ
شَرِبَ الكأسَ الأوَّلَ مِنْ نِفطِ الأكبادْ
شَرِبَ الثَّاني
عربَدَ في الحانةِ
حطَّم مرايا وأثاثَ المُستنقعِ
طرحَ أراجيزَ الأسلافِ
وقذفَ المَطلَعَ في النّسيانِ
أرادَ العودةَ
وأرادَ بأنْ يسترجِعَ منزلَهُ
وباحةَ منزلهِ الخلفيَّةَ
وأرادَ بأن يجلسَ تحتَ الشَّلالِ
وأرادَ وظلَّ يريدُ
ولم يسبحْ يومًا ضِدَّ التَّيارْ.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مظهر عاصف

مظهر عاصف

101

قصيدة

" مظهر عاصف" أحمد علي عودة. - شاعر أردني مِن أصول فلسطينية. - من مواليد مدينة (عمان) 31/10/1980 - أعمال مطبوعة: فلسفات جنازة (شعر) هناك (شعر) السّادسة صباحًا (شعر) ما لم يقله أحمد عود

المزيد عن مظهر عاصف

أضف شرح او معلومة