الديوان » حسن جلنبو » وشهد شاهدٌ من أهله

لماذا لم تُغلّقْ دونها الأبوابَ
كيف تركتها تمضي؟
ولم تمسك ذراعيها...
ولم تستنشق العطر
المعتّق في ضفيرتها؟...
*****
لماذا لم تقُدَّ قميصَها للريح؟
تكشفُ بعضَ فتنتها
فتخبر عنك جارتها
لتخبر تلك إخوتها
فيُقسم واحدٌ منهم
بأن يَهَبُوكَها غصباً
شريطة أن تدُسّ الشِّعر
عذبا في وسادتها.
*****
لماذا لم تراودها عن الأشواق؟
ولم تكتب بها شعرا
تُصوِّر فيه
نظرتها...
التفاتتها...
ومشيتها إذا قامت
وحين تجيءُ
طلَّتَها...
وحين تراك
ضحكتَها؟.
أهذي شيمةُ العشّاق؟
*****
لماذا لم تطرّزها
بكلّ قصائد الدنيا
بأحرف اسمها شوقاً
من الألف إلى الألَقِ؟
وترسمْها على الجدران قنديلا
يسامرُ عتمةَ الغسقِ
*****
زليخةُ
غلّقتْ عن يوسفَ الأبواب
لا أنتَ
وقد قدّت قميصّ الشوق
من قُّبُلٍ
فلا هانت
وقد هنتَ
و هاءت كي تقبِّله
وما هِئتَ
أما شغفتك حبّا
مثلما قلتَ؟
وهل قالت نساءُ الحيّ
قطّع دونها كفّيه؟
وهل قطعتْ زليخةُ
حين يوسفُ مرّ
كفّيها؟
أيوسفَ كنتَ أم أنتَ؟
*****
أكُنتَ ضممتها يوما
قُبيلَ رحيلها عنكَ؟
وقرّبتَ المسافة بين عينيها
وعينيكَ
أحقّا لم تكن تدري
بأنك سوف تقضي العمر
وحدك خائفاً منكَ؟
*****
لماذا لم تُقَبّل خدها لمّا
خلوتَ بنظرةٍ منها
على عُطلٍ من الحُرّاس
والرُقباءْ.
لماذا لم تقف يوما
على أعتاب حارتها؟
لتسألها أما زالت
تحاورُ عنك دفترها
وتقرأُ ما خططتَ لها
من الأشعار ذات لقاء؟
*****
لماذا ما جلستَ أمام حجرتها؟
ولم تعرضْ لها لمّا تُفتّحُ للندى صبحا
نوافذها؟
أكنتَ سألتها إن كان تقبلُ
أن ترافقها إلى المقهى؟
لتخبرها بأنك ما تركتَ لها سوى
فيضٍ من الشِّعرِ
يغازلُ خُصلةَ الشَّعرِ المثيرة
فوق عاتقها.
*****
ألم تدركْ
بأنك كنت تعلم أنّ
هذي الأرضَ ضاقت عن حروفِكَ
مثلما ضاقتْ
حياتُك قبل أن
تُلقى غريبا في بلاد اللهْ.
وحيدا في شواطيها.
*****
أكنتَ تحبّها حقا؟
فكيف تركتها تمضي
ولم تأخذ بقايا من بقاياها؟
ولم تسرق قلادتها
ولم تنسلْ خيوطا من عباءتها
تُخيطُ بها ليالي الشوقِ
حاضرها وماضيها
لماذا لم تقُل للريح قُصّيها؟
ولم تقصصْ حكايتها لكلِّ الأرضِ
قاصيها ودانيها؟
ولم تسألْ
طيور البحر عن محّارة تاهت
قريبا من موانيها.
أحقّاً لم تكن تدري
بأنّك حين تخفيها
وتُسدل خلفها الأهدابَ
سوف يضجّ فيك العمرُ
من شوقٍ فتُبديها؟.
*****
زليخةُ
لم تُغلّق دونك البابَ
ولم تعلمْ
بأنّك قد عصرتَ العمر
خمرا ملء كفّيها وأعنابا
وأنك لم تزل مع كُلّ ريحٍ
تُشرع الأشعارَ
للأشواق محرابا.
لأنّك أنت من آثرتَ
أن تبقى
غريبا في بلاد الله
جوّابا.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حسن جلنبو

حسن جلنبو

184

قصيدة

• مواليد الأردن - عمَّان. • بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، جامعة مؤتة 1994. • ماجستير في النقد والأدب، جامعة مؤتة 1998. • محرر إعلامي لدى شركة مياه وكهرباء الإمارات- أبوظبي. • عضو ر

المزيد عن حسن جلنبو

أضف شرح او معلومة