كانت تَعُدُّ لي النجومَ
إذا مسكتُ ذراعها
وأنا أعُدّ لها الليالي المقمراتِ
إذا تبدّت لي كأحلام الصغار
وأختفي.
كانت تُعِدّ لي الحروفَ
على الموائد
كلما ألقى الظلام بساطَهُ.
وأنا أُعِدّ لها القصائدَ
ملء أصدافِ البحارِ
وأكتفي.
كانت تسافر
في ضلوعي
طائرا أرخى جناحاً للنوى
وأنا أسافر
في جدائلها وأحزم أمنياتي
كلّما
رحل القطارْ.
كانت وكنتُ
ولم نزل
نَعِدُ الليالي بالقليل
من الفرحْ.
فنعود أدراج المساءِ
كطائرين
تعلّقا بالذكريات
فلم يعد في وسع ريشهما الفرارْ.
كنّا
كأجملِ ما يكون الصبحُ
حين يغرّدُ الحسّونُ
فوق نوافذ الشوق
المُشرَّعةِ الحنين
على الدّيارْ.
كانت كضوء الشمس
ترهقها صباحاتُ الشتاء
فتستفيق على الغيوم
وتنطوي كصغيرةٍ
حضنت ضفيرتها
وأطلقت العنان لشَعرها
وبكت على كتف
النهارْ.
كانت تقول ليَ انتظِر
كي يُشرق العنّابُ
فوق شفاهها
فأقولُ لا تتأخري
لا شأن لي بالصبحِ حين أراك
إنّي لا أطيق الانتظار.
كانت تقولُ
اختَر لقافيةِ القصائد
أحرفا غزليّةً
لتليق بالشوق المعتّق
في دنان البُعدِ
لكن ليس تدري
أن بعضَ الشِّعر يأتي
بغتةً
دون اختيارْ.
كنا اجتمعنا
على شوقين ذاتَ جوىً
في فسحةٍ
من زمان العمر
تكفينا
واليوم ها نحن
في موتين ليس لنا
عصاً تُقرِّبُ قبرَينا
وتدنينا.
مَنْ للغريب
إذا حلّ المساءُ
وفي جنبيه آهٌ
تثيرُ الشوقَ سكِّينا
لم يبق في العمر للقاصين
متّسعٌ
فقد رحلتُ
وضيّعتُ العناوينا
كانت تقول ليَ استعدّ
لنلتقي
إنِّي على ثقةٍ
بأنا لا محالة
عائدانِ
على جناح الأمنياتْ.
لم تدرِ
أنّ البدرَ
أنكر في الدجا ليلي
فضلّ النجمُ وجهته
وضاق به
المدارْ.
184
قصيدة