هب أنّ سيّدةً
على كتف النهار
تبيع حصتها من النوم الهنيء
لتشتري لصغارها
بعضَ الطعامِ
فيكملون نهارهم
بأقلّ قدرٍ
من دموعْ.
*****
هب أنّ طفلا
غافلَ الدنيا
وراح يبيعُ في وقت الدراسة
بعضَ ما يحتاجه الماضون
في طرقاتهم
عند الإشارة
كي يؤمّن لقمةً
لأبٍ كفيفٍ عاجز
ولإخوةٍ
ما زال أكبرُهم يمارسُ
لعنة الإنشاءِ والتعبير
مع أصحابه
ليكون يوما ما يريدُ
لأُسرةٍ
ليست سوى
خطأٍ من الأخطاء
في زمن الحفاة
الباحثين عن الحياة
بكلّ ألوان
الخضوعْ.
هبّ أنّ بنتا
قبل أن يتفتّق الرمّانُ
فوق غصونها
كانت تغافل عمرها
وتروحُ تكنسُ في بيوت
المترفات من النساء
اللاهيات
لكي تُربّي إخوةً
عبث الزمان بهم
فجاءوا للحياة
على عذاباتٍ
وَ جوعْ.
هب أنّ أرضاً
أرهقتْكَ وأنهكتْك
فرحتَ تضربُ في بلاد الله
وحدك باحثا عمّا يقيتُك
من بقايا العُريِ في أرضٍ
تخلّت عنك
حين تقاسمتْها
كفُّ أصحاب المناصب
للبنينَ،
وللصحاب وصحبهم
وبقيتَ وحدك
كالمسيح تجوب أرضَ الله
بحثا عنك في سِفر
الرجوعْ.
هب أنّ قبراً
ضمّ في عامٍ كئيبٍ والديكَ
فصرتَ غصنا ذابلا
في شجرةٍ جفّت
وتوشكُ أن تناولَها المعاولُ
ما لها ظلٌّ ولا ثمرٌ
ولا تُرجى لمُتّكأٍ
على تعب الزمان
ولا هجوعْ.
هبّ أن هذا العمرَ
ضاع وأنت تبحث
عن طيوف الغائبين...
الساكنين فُتاتَ روحكَ
علَّ وصلا
قد يُتيح لك الوقوفَ
على حروفٍ
لم تعُد توحي
بغير أسىً تمكّن منكَ
حين أردتَ أن تحيا كغيرك
في طريق الباحثين
عن الكرامةِ
دون ذلٍّ أو خضوعْ.
هب كلّ ذلك!
كم سيبقى منك حين
تعود يوما
خاويا من كلّ شيءٍ فيك
حتى من بقايا
ما تبقى من هوىً
قد كان يفترشُ
الضلوعْ؟
184
قصيدة