كنت انتظرتُك أن تعودي قبل أن يضعَ الصباحُ ثيابَه كي تكتبي بيديك ميثاقَ النهارِ وتُعلني بدءَ انبثاق الفجرِ كي يمشي على إثر الهوى المنساب صوب فتىً تولّى عنك حتى غاب في جبّ الحياة بلا قرارْ. قد كان يوشك أن يبوحَ بسرّ عينيك المسافرتين لولا أن رأى برهانَ خدّك ساطعا فمضى يراودُ عنك أحرفَهُ ويكتبُ ما تيسّر فيك من شوقٍ تمكّن منه حتى عاد كالعرجونِ تنكره الديارْ. قد كان يوشك أن ينوءَ بصمته لولا تداركه النوى فهوى كأنّ الطيرَ تأكلُ رأسَه لتُقيم عُشّاً للقصائد تستقي من وحي عينيك الحروفَ تميمةً في رحلة العمر التي حكمتْ عليه بأن يظلّ مسافرا يغشاه موجٌ فوقه موجٌ فيغرقُ في المدى ويعودُ يبحث عنك حين يضيقُ هذا الكون إلا من عيونك والبقايا الباقيات من النجوم ليهتدي ببريقها فكأنّما قذفته هذي الأرض في بيدائها فغدا وحيدا تائها كالعيس ضجّت بالقفارْ. مذ كنتِ غبتِ ولم يزل يأوي إلى أوراقه بحثا عن اللغة القديمةِ والزوايا الغارقات بذكرياتٍ لم تزلْ في طيّة الأشعارِ لم يطمث بقايا حبرها بشرٌ ولم يسمع بها جنٌّ ولم يفضُض بكارتَها الكلامُ ولا صبايا الحيّ حين أشرن صوبكِ يوم قال لهنّ: " تلك قصيدتي" فبكين حتى ظُنّ أن صغيرةً سقطت من الأعلى "وقطّعن الأصابعَ" باحثاتٍ عنك في دمعٍ مُثارْ. قد كان عاد وفيه شوقٌ للفتى المسكون بالعطر الذي تركتْه كفُّكِ ذات يومٍ في يديه تبثُّه وجعا على وجعٍ يؤرّق ليله ويعيده سنواته الأولى ليبحثَ عنك في قسمات كل العائدين على موانئ غربةٍ ما زال رهن بحارها لكنه ما زال يسكنُ حيث كنتِ تركتِه يوما فولّى شطرَ قلبك واستدارْ. قد كان عاد ولم يكن في العمر متسعٌ لبعض الوصل فاختار البقاء على شفا الذكرى وأدرك أنه ما عاد يملك غير أن يبقى غريبا باحثا عن نفسه الأولى مقيما فيكِ تحمله إلى عينيك أشواقٌ مضت وهوىً تولّى في انكسارْ.
• مواليد الأردن - عمَّان.
• بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، جامعة مؤتة 1994.
• ماجستير في النقد والأدب، جامعة مؤتة 1998.
• محرر إعلامي لدى شركة مياه وكهرباء الإمارات- أبوظبي.
• عضو ر