أمنياتٌ دونَمَا سببٍ تَضيعُ وتَختفيْ
وتُثِيرُ غَوغاءَ التَّساؤلِ والشَّغبْ
أنا مُرهَقٌ حدَّ التَّشبُّثِ بالغَضَبْ
حدَّ التَّلبسِ بالعَتبْ
حدَّ انفصامي عن فصامِ ملامحي
وجوارحي
أنا ذلكَ الموجودُ خارجَ هيكَلي
أنا ذلكَ المَنبوذُ مِن دمِهِ ولا يدري السَّببْ
لا طاقةً للرّفضِ تطردُني إلَيّ
لا مِن دليلٍ أنَّني في العُمقِ حيّ
فكأنَّني غَرَقٌ أقاومُ غارِقِيْ
وكأنَّني قَزَمٌ أقاومُ مَارِقِيْ
مُحتلَّةٌ روحي بكلِّي
والمُحرِّرُ قاتِلِيْ
يَحتلُّنِي تَعبي وأحتلُّ التَّعبْ
هي أمنياتٌ باعَدتْ
بيني وبينَ اللَّحظةِ الأولى
ولَحْظتِنَا الأخيرةْ
وذكرتُ مَشرِقَ وجهِهَا
ولمستُ ذاكَ القيدَ في كفٍّ صَغيرةْ
وضحِكتُ لمَّا أقبلتْ
ومددتُ كفِّيْ للهواءِ وقدْ أشارتْ للهواءِ بأنْ يطيرْ
وجررتُ أقدامي أمامي حينَ صاحتْ:
قدْ ركِبتَ المُستحيلْ
عبَّأتُ نفسي في قواريرِ الهزيمةِ وانزَويتْ
لحقِتْ تُحطِّمُنِي
تُحطِّمُ ما بَنَيتْ
قد آثرَتْ أنْ تستبيحَ ضجيجَ عمري والألَمْ
وتكونَ جرحَا ثانيًا
أو ثالثًا
أو عاشرًا
وأنا ككلِّ العابرينَ بجرحِهمْ
رَقْمٌ يُضافُ لمَنْ رَقَمْ
لو تقرئينَ خطوطَ وجهي جيِّدًا
وتحلِّلينَ بثورَ كسري مرَّةً
كقراءةِ الفِنجانِ قوَّضَكِ النَّدمْ
مُلئَتْ سِلالُ الخَلْقِ حُبًّا دافِئًا
مُلئَتْ سكونًا
رحمةً
ووقفتُ أحمِلُ سَلَّتي
وتَنِزُّ مِنْ قشَّاتِها
قَطرَاتُ أشواقٍ ودَمْ
مِنْ أينَ أبدأُ بـِاقتِلاعِكِ مِن دَمي؟
مِنْ أينَ ألفِظُ داخلي منِّي
وألفِظُ مَنْ يُعانِيْ
ما بَينَ إقدامي عَلَيكِ
وبَينَ إخفاقي ثَوانِيْ
ما بَينَ إِرسالي الوُرودَ
وبَينَ مَن سَرَقَ الوُرودَ... ثوانيْ
بِالأمسِ كُنتِ حقيقتي
شَغفِي اللَّذيذَ
خطيئَتِيْ
ولقَدْ تلاشَى كلُّ هذا في ثَوانيْ
إنَّ وَجهًا مثلَ وَجهِكِ
لا يَليقُ بعاشقٍ إلَّا إذا نَزَفتْ دِماهُ..
عَلى الشَّوارِعِ والرَّصِيفْ
ولأنَّهُ للغَيرِ أضحى
سَوفَ يَقتُلُني النَّزِيفْ
عَادَ الصَّقيعُ يَزورُنِي
وأنا مَلَلتُ بـِعالَمي هَذا الصَّقيعْ
هو أسودٌ كيلا تُفتِّشَ عن بياضِ الأمنياتْ
هو مُزعِجٌ مِن ضمنِ تلكَ المُزعجاتْ
هو حَظُّكَ المنحُوسُ... عالمُك الّذي
يُرديكَ مِن وادٍ لوادْ
هو حَظُّكَ المَعصوبُ في قاعِ المصائبِ حين تحثو
فوقَ هامتِهِ العِنادْ
هو ذلكَ الحبلُ الَّذي
يدنو إليكَ لترتقِيْ
فأراهُ يشنقُ مِرفَقيكَ
ومنكَ ينتزعُ الحياةْ
هو حبلُ موتِك ليسَ حبلًا للنَّجاةْ
والحبُّ نَبوتُكَ القديمةُ
والسّقوطُ مِنَ الوقوعْ
هي ضربةُ الفأسِ الَّتي نجَتِ الجذورُ لوقعِها
مِنْ ثَمَّ أسقطَتِ الفُروعْ
هي زلَّةُ القَلبِ الَّذي
يُخفي بداخِلِهِ الأناقَةَ
والرَّزانَةَ
والهُدوءْ
حتّى إذا مَدَّتْ لهُ العكَّازَ أفكارُ الرُّجوعْ
خَذلتْهُ أيضًا
حرَّضَتْ إنسانَهُ
ألّا يغادرَ قاعَهُ يومًا إلى تلكَ الصُّدوعْ
خذلتهُ تلكَ الأُمنياتُ
وحظُّهُ
فيكادُ يُنسَى إنْ حَضَرْ
جاءَ الكلامُ نيابةً عنِّيْ
وصدَّقَهُ الضَّجَرْ
في اللَّيلِ يَخرُجُ حاملاً أكياسَهُ
قالوا: يلملِمُ نفسَهُ
ويعودُ يحمِلُ عطرَهَا
وثيابَها
ووعودَها
لكنَّهُ خَسِرَ القَمَرْ
تُرى مَن جاءَ يُنشِدُنِي؟
وصاحتْ جوقةُ الكَلِماتِ: يا لحنًا نشازيًّا
أيا لحنِيْ
أعِدْ خلفِي... وكورالُ الشَّقَا خلفِيْ
أنا أَهْذِيْ... وللأصواتِ إيقاعٌ تُعِيدُ القولَ مِنْ خلفِيْ
أنا أبكي... وللآهاتِ تمتمةٌ تُعيدُ اللَّحنَ مِنْ خلفِي
فلمَّا صفَّقَ الجمهورُ مالَ العودُ مُنثَنِيًا
ولما غادرَ الجُمهورُ قامَ إليَّ يَقتُلنِيْ
وأصواتٌ تناديها
وأوجاعٌ تناديها: أيا أنتِ اسمَعِي
ومواسمي متشابهاتٌ في النَّدامَةِ والحَنينْ
يا أنتِ قدْ سحقَ الزَّمانُ وشلَّ تِشرينِي الأمَلْ
شَرِسٌ هو اللَّفظُ الحزينُ مِنَ الشِّفاهِ المُطبِقَاتِ الصَّابرةْ
شَرِسٌ هو اللَّفظُ الَّذي قدْ خانَ صاحبَهُ
وبثَّ المُفرداتِ القَاهِرَةْ
شَرِسٌ إذا كانَ الكلامُ..
وكلُّ ما يعنِيه فينا... أُمنياتْ
هي أمنياتٌ... رُبَّما
سَحقَتْ عظيمَ الأمنيات.
101
قصيدة