الديوان » العصر الأندلسي » ابن حيوس » بك اقتضى الدين دينا كان قد وجبا

عدد الابيات : 79

طباعة

بِكَ اِقتَضى الدينُ دَيناً كانَ قَد وَجَبا

وَأَنجَزَ اللَهُ وَعداً كانَ مُرتَقَبا

فَعاوَدَ الجَدبُ خِصباً وَالمُباحُ حِمىً

وَالأَمنُ مُستَوطِناً وَالخَوفُ مُغتَرِبا

أَنارَ رَأيُكَ وَالأَيّامُ داجِيَةٌ

فَأَشرَقَت وَجَلا تَأثيرُكَ الكُرَبا

قَرَنتَ نوراً وَتَأثيراً بِمَنزِلَةٍ

لا تُرتَقى فَثَمَنتَ السَبعَةَ الشُهُبا

ذُدتَ الأُلى قَهَروا الأَملاكَ وَاِنتَزَعوا

ما اِستَحقَبَتهُ بِأَطرافِ القَنا حُقُبا

ضَراغِمٌ تَفرِسُ الأَبطالَ شَرَّدَها

عَمّا أَرادَت هِزَبرٌ يَفرِسُ النُوَبا

لَقَد حَمى مُلبِداً أَكنافَ غابَتِهِ

فَما تَظُنُّ بِهِ الأَعداءُ لَو وَثَبا

جَذَّ الرِقابَ وَما إِن سَلَّ صارِمَهُ

وَاِستَنزَلَ الخَطبَ مَقهوراً وَمارَكِبا

وَأَمَّنَ الناسَ ماخافوهُ مِن فِتَنٍ

ضاقَ الزَمانُ بِأَدناها وَإِن رَحُبا

لَم تُغنِ فيها عَنِ المُثرينَ ثَروَتُهُم

بَل ذو الحَليلَةِ مِنهُم يَحسُدُ العَزَبا

فَكَيفَ كَشَّفتَ مَحجوباً حَنادِسَها

وَالبَدرُ لا يَكشِفُ الظَلماءَ مُحتَجِبا

وَلَو يَكونونَ أَكفاءً بَرَزتَ لَهُم

بُرُوزَ جَدِّكَ لَمّا نَكَّسَ الصُلُبا

لَكِن قَعَدتَ وَأَغرَيتَ الخُطوبَ بِهِم

مُذَلِّلاً مِن صُروفِ الدَهرِ ما صَعُبا

في أَيِّ يَومِ نَزالٍ حارَبوكَ فَما

دارَت كُؤوسُ المَنايا فيهِمُ نُخُبا

حَتّى مَضى مَلِكُهُم يَشكو وَغىً بَلَغَت

فيهِ رِضاكَ وَلَم يَبلُغ بِها أَرَبا

شَكوى الجَريحِ الَّذي أَعيَت سَلامَتُهُ

لا مِثلَ ما يَتَشَكّى الغارِبُ القَتَبا

وَما نَجا تُركُمانٌ إِذ نَدَبتَ لَهُ

مِن عامِرٍ عُصَباً أَعزِز بِها عُصَبا

وَلَو تَمَهَّلَ مُرديهِ أَتَوكَ بِهِ

إِتيانَ جِنِّ سُلَيمانٍ بِعَرشِ سَبا

وافى بِلادَكَ مُغتَرّاً بِمالِكِها

جَهلاً وَحَيناً فَلاقى دونَها العَطَبا

وَكانَتِ التُركُ بِالأَعرابِ جاهِلَةً

حَتّى أَتَحتَ لَها أَن تَعرِفَ العَرَبا

لَاقَوهُمُ بِرِماحٍ طالَما اِنحَطَمَت

وَاِستَخلَفَت في العِدى الهِندِيَّةَ القُضَبا

وَما ثَناها وَإِن أَغمادُها خَلِقَت

صَوارِمٌ حُلِّيَت أَغمادُها ذَهَبا

جَحافِلٌ قَيَّضَ اللَهُ البَوارَ لَها

مَن نَكَّبَ الحَقَّ في أَحكامِهِ نُكِبا

وَلَم يَفُت مِنهُمُ إِلّا أُغَيلِمَةٌ

نَجَت بِهِم مُقرَباتٌ تَحمِلُ الأُرَبا

تَنعى إِلى القَومِ مَن ظَنّوا بِمَقدَمَهِ

وَالبَغيُ مَصرَعُهُ أَن يَملِكوا حَلَبا

غُرابُ بَينٍ صَموتٌ قَبلَ مَقتَلِهِ

حَتّى إِذا ما أَتاهُ حَينُهُ نَعَبا

رَجوا بِهِ الغايَةَ القُصوى فَلا عَجَبٌ

أَنِ اِستَطارَت عَصاهُم بَعدَهُ شُعُبا

كَأَنَّ أَنفُسَهُم أَتباعُ مُهجَتِهِ

وَصِدقَ إِقدامِهِم مِن بَعضِ ما سُلِبا

وَالنارُ تَخبو إِذا ما غابَ موقِدُها

وَالزَندُ إِن لَم يُعِنهُ القَادِحونَ كَبا

فَليُترَكِ البَأسُ لِلأَولى بِنِسبَتِهِ

فَالبَأسُ لا شَكَّ كَعبِيٌّ إِذا اِنتَسَبا

إِن ضَيَّعوا الحَزمَ لَمّا نازَلوا حَلَبا

فَقَد أَصابوهُ لَمّا أَزمَعوا هَرَبا

غَداةَ وَلَّوا عَلى جُردٍ تَشُدُّ بِهِم

وَهُم يَظُنّونَ خَوفاً شَدَّها خَبَبا

عَن هَيبَةٍ لَكَ لَم تُؤمَن بَوائِقُها

لَو أَنَّها في الزُلالِ العَذبِ ما شُرِبا

دونَ الغَنيمَةِ أَهوالٌ تُكَدِّرُها

وَفي الهَزيمَةِ مَنجاةٌ لِمَ هَرَبا

طَودٌ مِنَ العِزِّ مازالَت تَهُبُّ بِهِ

رِياحُ عَزمِكَ حَتّى صَيَّرَتهُ هَبا

سَمَوا إِلى مُرتَقىً صَعبٍ فَعاقَهُمُ

جِدٌّ رَأَوا جِدَّهُم في جَنبِهِ لَعِبا

وَالنَجمُ لَيسَ بِمُعلٍ نَجمَ صاحِبِهِ

ما لَم يُؤَيِّدهُ جِدٌّ يَخرُقُ الحُجُبا

جَماعَةٌ عَدِمَت دُنيا وَآخِرَةً

ما كُلُّ مَن ساءَ مَحياً ساءَ مُنقَلَبا

وَحَيثُ حَلَّت فَما تَنفَكُّ تُطرِقُها

جَيشاً مِنَ الرُعبِ لَم تَسمَع لَهُ لَجَبا

كَفَفتَ عَنهُم وَلَو شِئتَ اِجتِياحَهُمُ

لَم تَتَّرِك مِنهُمُ رَأساً وَلاذَنَبا

فَهَل تَعَمَّدتَ بُقيا أُمَّةٍ شَهِدَت

ثَباتَ جَأشِكَ حَتّى تُنذِرَ الغَيَبا

إِن أَقلَعَت غِيَرُ الأَيّامِ راغِمَةً

فَبَعدَ أَن أَكثَرَت مِن صَبرِكَ العَجَبا

لَم يَطرُقوا الشامَ إِلّا بَعدَ أَن جَمَعوا

مِنَ العَشيرَةِ مُختاراً وَمُغتَصَبا

مَكايِدٌ أَوهَمَتهُم أَن تُكادَ بِها

كانَت لِآسادِهِم عِندَ النِزالِ زُبى

وَنارُ حَربٍ شَوَوا فيها الوَرى زَمَناً

فَحينَ قارَعتَهُم صاروا لَها حَطَبا

بِأَيِّما سَبَبٍ تَخَشى سَعادَتَهُم

أَنّى وَقَد ذَهَبَت في ضِمنِ ما ذَهَبا

أَبِالسُيوفِ الَّتي فَلَّلتَ قاطِعَها

أَم بِالقُلوبِ الَّتي أَسكَنتَها الرُعُبا

لَولا كِلابٌ لَما جاسَت جُيوشُهُمُ

هَذي البِلادَ وَلا مَدّوا بِها طُنُبا

راموا المَوَدّاتِ مِن أَعدى عُداتِهِمُ

وَذاكَ رَأيٌ إِلى غَيرِ الصَوابِ صَبا

فَقارَعوا عارِضاً عَمَّت مَواطِرُهُ

وَيَمَّموا لَمعَ بَرقٍ طالَما كَذَبا

كَطارِدٍ إِبلَهُ وَالأَرضُ مُخصِبَةٌ

يَبغي سِباخاً يُرَجّي عِندَها العُشُبا

حَتّى إِذا كَذَبَت فيهِم ظُنونُهُمُ

فاؤوا إِلَيكَ بِظَنٍّ جانَبَ الكَذِبا

فَرَدَّ قُربُكَ عِزّاً كانَ مُنتَزِحاً

عَنهُم وَأَطلَعَ نَجماً كانَ قَد غَرَبا

حَلّوا بِهِ الذِروَةَ العُليا وَعاضَهُمُ

مِنَ النُبوِّ مَضاءً وَالوِهادِ رُبا

وَصادَفوا وَلَداً بَرّاً بِكَهلِهِمُ

وَلِلمُراهِقِ مِنهُم وَالِداً حَدِبا

مَن يُجزِلُ العُرفَ إِذ يَرجونَهُ رَغَباً

وَيَبذُلُ العَفوَ إِذ يَخشَونَهُ رَهَبا

إِذا وَحى الحِقدُ وَالشَحناءُ ما اِجتَرَموا

مَحا تَجاوُزُهُ وَالصَفحُ ما كَتَبا

وَإِن سَطا فَالمَنايا بَعضُ أَسهُمِهِ

وَإِن عَفا خِلتَهُ لا يَعرِفُ الغَضَبا

مَن رَدَّ مَيتَ المُنى حَيّاً وَذاوِيَها

غَضّاً وَلاءَمَ شَعبَ المُلكِ فَاِنشَعَبا

رَبُّ العَزائِمِ لَو كانَت مُجَسَّمَةً

لَظَنَّها كُلُّ طَرفٍ ناظِرٍ شُهُبا

تَزدادُ إِن قَصَّرَ الخَطِّيُّ عَن غَرَدٍ

طولاً وَتَمضي إِذا حَدُّ الحُسامِ نَبا

حَلَّ السِماكَ وَما حُلَّت تَمائِمُهُ

عَن جيدِهِ وَحَبا العافينَ مُنذُ حَبا

إِن صالَ كَفَّ اللَيالي عَن إِرادَتِها

قَهراً وَإِن قالَ طالَ الأَلسُنَ الذُرُبا

حَوى مِنَ الفَضلِ مَولوداً بِلا تَعَبٍ

أَضعافَ ما أَعجَزَ الطُلّابَ مُكتَسَبا

صَغا إِلَيهِ إِلى أَن صارَ مَوطِنَهُ

فَلو عَداهُ وَلَن يَعدوهُ ما اِغتَرَبا

وَأَظهَرَت غامِضَ المَعنى بَديهَتَهُ

فَفاتَ مَن أَتعَبَ الأَفكارَ مُقتَضِبا

وَراءَكَ الخَلقُ في فَضلٍ وَفي كَرَمٍ

فَقُل لِسَعيكَ مَهلاً تَربَحِ التَعَبا

وَقِف لِذا الأَمَدِ الأَقصى فَإِنَّكَ مَن

هَوى مِنَ المَجدِ أَضعافَ الَّذي طَلَبا

مَجدٌ تَفَرَّدتَ يا عِزَّ المُلوكِ بِهِ

لِلحَمدِ مُجتَنِياً لِلذَمِّ مُجتَنِبا

إِنَّ الإِلَهَ حَباكَ المُلكَ مَوهِبَةً

مِنهُ وَلَن يَستَرِدَّ اللَهُ ما وَهَبا

إِن عَنَّ ذِكرُكَ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ

فَدَأبُهُم غَضُّ أَبصارٍ وَفَضُّ حُبا

فَأَذعَنَ الدَهرُ حَتّى ما أَتَيتَ أَتى

وَما أَبَيتَ وَإِن سيئَت عِداكَ أَبا

إِنّي أَنَختُ رِكابي في ذَرى مَلِكٍ

لَم يُبقِ لي في بِلادِ اللَهِ مُضطَرَبا

ما شابَ إِنعامَهُ مَنٌّ وَلا عِدَةٌ

تَجُرُّ مَطلاً فَلَولا البِشرُ ما قَطَبا

طَلقُ المُحَيّا إِذا ما زُرتَ مَجلِسَهُ

حُزتَ العُلا وَالغِنى وَالجاهَ وَالأَدَبا

مازالَ يَسمَعُ أَشعاري وَيَمدَحُها

حَتّى عَدَدتُ عَطاياهُ الجِسامَ رِبا

لا أَستَزيدُكَ نُعمى بَعدَ وَصفِكَ لي

حَسبي اِنتِهائي إِلى هَذا المَدى حَسَبَ

بَرَّحتَ فَضلاً وَإِفضالاً فَلا بَرِحَت

تَزينُ أَوصافُكَ الأَشعارَ وَالخُطَبا

فَخرُ المَدائِحِ أَن تُهدى إِلَيكَ كَما

فَخرُ الفَضائِلِ أَن تُدعى لَهُنَّ أَبا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حيوس

avatar

ابن حيوس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-abn-hius@

121

قصيدة

3

الاقتباسات

221

متابعين

بنِ حَيّوس 394 - 473 هـ / 1003 - 1080 م محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان ...

المزيد عن ابن حيوس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة