الديوان » العصر الأندلسي » ابن حيوس » ما لي مقال عن فعالك يعرب

عدد الابيات : 73

طباعة

ما لي مَقالٌ عَن فَعالِكَ يُعرِبُ

قَد ضَلَّتِ الأَفكارُ مِمّا تُغرِبُ

بَذلاً وَمَنعاً فَالرَجاءُ مُخَيِّمٌ

بِذَراكَ وَالنَكَباتُ عَنكَ تَنَكَّبُ

وَسُطاً وَصَفحاً فَالمَمالِكُ قَد عَنَت

مِن خَوفِ بَأسِكَ وَالجَرائِمُ توهَبُ

وَتَواضُعاً سَنَّ التَواضُعَ لِلوَرى

مَعَ رُتبَةٍ يَنحَطُّ عَنها الكَوكَبُ

يا جامِعَ الأَضدادِ في كَسبِ العُلا

مِن أَينَ لي قَلبٌ كَقَلبِكَ قُلَّبُ

لَو مَيَّزَتكَ سَجيَّةٌ عَن ضِدِّها

لَعَلِمتُ ما آتي وَما أَتَجَنَّبُ

ما سارَ في الآفاقِ ذِكرٌ طَيِّبٌ

عَمَّن مَضى إِلّا وَذِكرُكَ أَطيَبُ

قَعَدوا عَنِ الغِيَرِ الَّتي ناهَضتَها

وَاِستَبعدوا الأَمَدَ الَّذي تَستَقرِبُ

فَضَفَت عَلَيكَ مِنَ الثَناءِ مَلابِسٌ

لَم يَقدِروا مِنها عَلى ما تَسحَبُ

نَسَخَت فَضائِلُكَ الفَضائِلَ كُلَّها

إِنَّ الكَثيرَ عَلى القَليلِ يُغَلَّبُ

فَليَعتَرِف لَكَ بِالسِيادَةِ أَهلُها

لَزِمَت مَلازِمَها وَصَرَّ الجُندُبُ

لا يَدَّعِ المَجدَ المُؤَثَّلَ مُدَّعٍ

فَالمَجدُ مِن هَذي الخِلالِ مُرَكَّبُ

فَظُباكَ مُذ خَطَبَت عَلى قِمَمِ العِدى

خَطَبَت لَكَ الرُتَبَ الَّتي لا تُخطَبُ

فَفَرَعتَ مِنها كُلَّ ما لا يُرتَقى

إِنَّ النُجومَ قَلائِصٌ ما تُركَبُ

فَلِذا إِذا نُسِبَت عُلىً في مَشهَدٍ

فَإِلَيكَ ياشَرَفَ المَعالي تُنسَبُ

بَعُدَ المَدى إِلّا عَلَيكَ فَما لِمَن

يَأتَمُّهُ إِلّا النَصيبُ المُنصِبُ

ما اِنقادَتِ الأَملاكُ طَوعَكَ كُلَّها

حَتّى اِستَقادَ لَكَ الزَمانُ الأَصعَبُ

لَو غَيرُكَ المُبتَزُّ يا سَيفَ الهُدى

ما كانَتِ النَخَواتُ مِمّا تَسلُبُ

تَتَجَنَّبُ الأَحداثُ ما لا تَشتَهي

وَتُسارِعُ الأَقدارُ فيما تَطلُبُ

لَو كانَ ذَبُّكَ في الزَمانِ اللَذ مَضى

لَم تَفتَخِر بِحِمى كُلَيبٍ تَغلِبُ

أَو كانَ جودُ يَدَيكَ عاصَرَ حاتِماً

لَرَأَيتَهُ مِن فِعلِهِ يتَعَجَّبُ

فَطُلِ الوَرى يا مَن لِباذِخِ فَخرِهِ

أَلقَت مَفاخِرَها نِزارُ وَيَعرُبُ

فَلَئِن عَلَوتَ فَكُلُّ ما أَدرَكتَهُ

وَهُوَ التَناهي بَعضُ ما تَستَوجِبُ

أَضحَت بِعُدَّتِها الإِمامَةُ هَضبَةً

لَيسَت تُرامُ وَرَوضَةً لا تُجدِبُ

بِأَغَرَّ يَثني الحادِثاتِ فَتَنثَني

رَهَباً وَيَقتادُ الجِبالَ فَتُصحِبُ

يا بالِغَ الغَرَضِ البَعيدِ وَدونَهُ

جَيشٌ يَضيقُ بِهِ الفَضاءُ السَبسَبُ

تُغني الخِلافَةُ ما عُدِدتَ ظَهيرَها

وَالجَيشُ ما لاقاكَ حَرباً رَبرَبُ

قَد صارَتِ الدُنيا بِعَدلِكَ مَعقِلاً

هَل في الوَرى عادٍ وَأَنتَ المُرهِبُ

أَنّى وَفي هَذي الجُفونِ بَوارِقٌ

ما أَومَضَت إِلّا تَجَلّى غَيهَبُ

وَعَلى عَوامِلِ ما رَكَزتَ كَواكِبٌ

مِمّا اِنتَصَيتَ لَها وَخَلَّفَ قَعدَبُ

تَجلو ظَلامَ النَقعِ عِندَ طُلوعِها

وَظَلامَ أَهلِ البَغيِ ساعَةَ تَغرُبُ

تَرَكَ الزَئيرَ اللَيثُ مُذ أَشرَعتَها

فَرَقاً كَما تَرَكَ الهَديرَ المُصعَبُ

بِكَ عاذَ هَذا الدينُ دُمتَ نَصيرَهُ

مِمّا يَخافُ وَنالَ ما يَتَرَقَّبُ

أَنتَ المُظَفَّرُ بِالأَعادي وَالمُنى

إِن خيفَ حَيفٌ أَو تَعَذَّزَ مَطلَبُ

فَرَّقتَ شَملَ الخَوفِ وَهوَ مَجَمَّعٌ

وَجَمَعتَ شَملَ الأَمنِ وَهوَ مُشَعَّبُ

مازِلتَ تَبعَثُ كُلَّ يومٍ نَكبَةً

حَتّى اِستَقامَ لَكَ العَنودُ الأَنكَبُ

فَليَنتَحِ القَمقامَ عِندَ سُكونِهِ

مَن نَدَّ عَنهُ وَمَوجُهُ مُغلَولِبُ

فَالعِزُّ أَقعَسُ وَالمَجازُ مُساهِمٌ

وَالرَوضُ أَحوى وَالحَيا مُتَصَوِّبُ

غَيرُ الَّذي عاداكَ يَظفَرُ بِالمُنى

وَبِغَيرِ آمِلِكَ الظُنونُ تُخَيَّبُ

تُسدي الكِرامُ مَكارِماً مَبتولَةً

وَلِكُلِّ نَيلٍ مِن يَدَيكَ مُعَقِّبُ

فَمِنَ العُفاةِ مُقَوِّضٌ وَمُطَنِّبٌ

وَمِنَ الثَناءِ مُشَرِّقٌ وَمُغَرِّبُ

وَلَقَد أَجَرتَ الخائِفينَ وَما لَهُم

في الأَرضِ عَن حُجُراتِ مُلكِكَ مَذهَبُ

وَغَمَرتَهُم صَفحاً يُقَرِّبُ مِنهُمُ

مَن مالَهُ عَمَلٌ إِلَيكَ يُقَرِّبُ

حَتّى لَقالَ الناسُ مِمّا عَمَّهُم

ما ثَمَّ ذَنبٌ لِلعُقوبَةِ موجِبُ

فَالعَفوُ فيكَ فَضيلَةٌ مَكنونَةٌ

حَتّى يُبَيِّنَ فَضلَهُ مَن يُذنِبُ

وَأَراكَ تَكرَهُ طَيَّها فَلِأَجلِ ذا

كُلٌّ إِلَيكَ بِنَشرِها يَتَقَرَّبُ

لَتَخِذتِ إِعجازَ الأَنامِ خَليقَةً

فَغَريبُ ما تَأتيهِ لا يُستَغرَبُ

وَعَمَمتَ كُلَّ العالَمينَ بِنائِلٍ

ما اِمتازَ فيهِ عَنِ البَعيدِ الأَقرَبُ

أَنشَأتَ مِنهُ بِكُلِّ أُفقٍ ديمَةً

لِسَحابِها في كُلِّ أَرضٍ هَيدَبُ

فَالغَيمُ إِلّا مِن سَمائِكَ زِبرِجٌ

وَالبَرقُ إِلّا مِن سَحابِكَ خُلَّبُ

فَلتَعلُ أَرضُ التُركِ أَنَّ تُرابَها

ما حازَ أَصلاً فَرعُهُ لا يُنجِبُ

وَلَقَد أَبَنتَ لَنا بِضَربِكَ في الطُلى

يَومَ الوَغى في أَيِّ عِرقٍ تَضرِبُ

لِلمَشرِقِ الأَقصى بِبَيتِكَ مَفخَرٌ

قَد ظَلَّ يَحسُدُهُ عَلَيهِ المَغرِبُ

وَدِمَشقُ فَهيَ لهُ الغَداةَ قَسيمَةٌ

إِنَّ المَعالِيَ مِن جِوارِكَ تُكسَبُ

لَولا اِنتِقالُ مُحَمَّدٍ عَن قَومِهِ

ما شارَكَت في الفَخرِ مَكَّةَ يَثرِبُ

وَبِفَضلِ قَومِكَ مِن إِبائِكَ شاهِدٌ

إِنَّ الإِباءَ عَنِ الأُبُوَّةِ يُعرِبُ

وَلَوَ اِنَّهُم لَم يُشهَروا بِفَضيلَةٍ

لَاِزدانَ بِالفَرعِ الزَكِيِّ المَنصِبُ

فَليَهنِ بَيتاً أَنتَ مِنهُ أَنَّهُ

أَبَداً عَلى ظَهرِ السِماكِ مُطَنَّبُ

فَنواظِرُ الأَفلاكِ شاهِدَةٌ لَهُ

بِالمَجدِ وَهوَ عَنِ العَيونِ مَحَجَّبُ

وَإِذا السَحابُ رَأَيتَهُ مَتَراكِماً

فَاِحكُم بِأَنَّ الغَيثَ فيهِ صَيِّبُ

شَغَفَ الوَرى حُبّاً فَعالُكَ كُلُّهُ

إِنَّ الجَميلَ إِلى النُفوسِ مَحَبَّبُ

تَتَطَلَّبُ الأَهواءَ أَفئِدَةُ الوَرى

وَعَنِ المَناقِبِ ماتَزالُ تُنَقِّبُ

فَليَطلُبِ الصَبواتِ غَيرُكَ صاحِباً

ماذا العَزوفُ لِصَبوَةٍ مُستَصحِبُ

وَلَقَد شُغِلتَ بِمَنعِ ثَغرٍ طارِقٍ

عَمّا دَعاكَ إِلَيهِ ثَغرٌ أَشنَبُ

قُل لِلمَساعي بَعضَ ما تُملينَهُ

قَد مَلَّتِ الأَقلامُ مِمّا تَكتُبُ

يَرجوكَ مِنّا خائِفٌ وَمُؤَمِّلٌ

وَمِنَ المُلوكِ مُتَوَّجٌ وَمُعَصَّبُ

لا أَدَّعي بِالقَولِ فيكَ فَضيلَةً

باغي مَديحِكَ رائِدٌ لا يَتعَبُ

بِكَ عادَ دَهري ضاحِكاً مِن بَعدِما

أَلوى بِسَدرِ العُمرِ وَهوَ مُقَطِّبُ

هَل غالَني زَمَنٌ وَظِلُّكَ عاصِمي

أَو فاتَني طَلَبٌ وَأَنتَ المَطلَبُ

فَلَأَشكُرَنَّ نَداكَ مَبلَغَ طاقَتي

أَنا إِن رَجَوتُ لَهُ جَزاءً أَشعَبُ

أُثني عَلَيكَ وَلَستُ أَبلِغُ شَأوَهُ

مَعَ أَنَّني في وَصفِ مَجدِكَ مُطنِبُ

زينَت بِهَذا المُلكِ أَعيادُ الورى

فَبَقيتَ ما دامَت تَجيءُ وَتَذهَبُ

لِلخَطبِ تَنفيهِ فَلَيسَ بِعائِدٍ

وَالأَمرِ تُمضيهِ فَلا يُتَعَقَّبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن حيوس

avatar

ابن حيوس حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-abn-hius@

121

قصيدة

3

الاقتباسات

221

متابعين

بنِ حَيّوس 394 - 473 هـ / 1003 - 1080 م محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان ...

المزيد عن ابن حيوس

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة