عدد الابيات : 36

طباعة

سبْعونَ يا صَحْبي، وجَلَّ مُصابُ

ولدى الشَّدائدِ تُعْرفُ الأصحابُ

سبعونَ يا للهوْلِ أيَّةُ حقبةٍ

طالَتْ، ورَانَ على الرَّحيقِ الصَّابُ

تتراكمُ الأعْوامُ فوقَ رؤوسِنا

حتى تئنَّ مِنَ الرُّكامِ رِقابُ

لا تعْجبوا إنْ ندَّ خَاطرُ مُتْعَبٍ

بعْدَ السُّرى وشكا إليْهِ رِكابُ

سبْعونَ في درْبِ الطفولةِ شَوْكُهُ

أما الشَّبابُ فليْسَ ثَمَّ شَبَابُ

الجِدُّ أَغْراني برغْمِ جفَافِهِ

فَظَمِئْتُ حتَّى لوْ أُتيحَ شَرابُ

سبعونَ ظَنَّ أَحبَّتي أني يها

أُعْلي القِبابَ، وما هُناكَ قِبَابُ

أنا ما خَدَعْتُهُمُ ولكنْ غَرَّهُمْ

حَظِّي لَدَيْهِمْ والحظوظُ عِجابُ

أنا مَنْ بَنَيْتُ عَلى الخَيالِ قَوَاعِدِي

فتَصَدَّعَتْ وانْهارتِ الأطْنابُ

حقا رفَعْتُ على السَّرابِ دَعائمِي

لا عَجْبَ أنْ ذابَتْ وظَلَّ سَرَابُ

سبعونَ كمْ فيها تَجَمَّعَ رُفقتي

وجَدَاولُ الوُدِّ الحميمِ عِذابُ

حتَّى إذا وَشَّى الربيعُ رِياضَهمْ

وَدَنا القِطافُ وطابَتِ الأعْنابُ

ساقَ الزمانُ السِّرْبَ نحْوَ شتاتِهِ

فتَفرَّقُوا وكأنَّهمْ أغْرابُ

وخَلَتْ من الأُنْسِ الليالي بعْدَهُمْ

وَمَضى فحطَّمَ عُودَه زِرْيابُ

للمبْدعينَ الجَزْرُ مدَّ رُواقَهُ

فطَغى على الفنِّ الأصيلِ غِيابُ

والزَّيْفُ يجتاحُ السَّواحِلَ مَدَّهُ

فإذا بِمَوْجِ الزائفينَ عُبَابُ

سبعونَ، تغتالُ الليالي صَفْحَتي

فينمُّ عنْ آثارِهنَّ إهابُ

إنْ كنتُ كابرْتُ السنينَ فإنَّها

أقْوى وأَعْنَفُ إذْ يحينُ غِلابُ

وزَعَمْتُ أنِّي لمْ أُفَارقْ جِدَّتي

فأشَارَ يَسْخَرُ باللسانِ حِسابُ

تَعِبَتْ من الألَمِ السنونَ وأُغْلِقَتْ

بيْني وبيْنَ أطايبي الأبْوابُ

الشِّيبُ لا يُغْري الحِسَانَ وإنَّما

شَزْراً إذا نَظَرَتْ إليْهِ كَعَابُ

سبْعونَ قَدْ وَفَدَ الشتاءُ يزورُني

والنارُ قدْ خَمَدَتْ وليْسَ ثِقابُ

حَنَّتْ إلى عَبَقِ الترابِ جَوانِحي

لا غَرْوَ يشْتاقُ التُّرابَ تُرابُ

في يَقْظَتي أغْفو، وقدْ بجْفو الكَرى

جفْني، فيحلمُ بالمنامِ طِلابُ

إنِّي لدى التعريفِ رُبْعُ مثَقَّفٍ

صَحِبَ الكتابَ فلَمْ يَخُنْهُ كِتابُ

هو في دمي عِشْقُ الطفولةِ والصِّبا

فهو الهوى، واللَّحْنُ، والأحْبابُ

تتَكَسَّرُ الأحْلامُ في شُطْآنِهِ

فيَفيضُ بالعَذْبِ النَّميرِ سَحابُ

فإذا انْتَسَبْتُ فإنَّ لي في حَرْفِه

نَسَباً يُشَوِّقُني إليْهِ إيَابُ

يالائمي في العمْرِ كيْفَ أَضَعْتُهُ

لا الجِدُّ سادَ، ولا الهوى غَلاّبُ

ما بيْنَ بيْنَ، فما صَعَدْتُ إلى الذُّرا

أوْكانَ لي في القانعينَ مآبُ

ركَنَتْ إلى السَّفْحِ القريبِ مطامعي

والسَّفْحُ لا يهْفو إليْهِ عُقابُ

لكَ أنْ تلومَ فما جَحَدْتُ مسيرَتي

قامتْ على الدَّرْبِ الطويلِ صِعابُ

إنِّي أَخَذْتُ منَ الليالي صفْوَها

نَزْراً، وقُلْتُ: النَّزْرُ منْكِ رُضابُ

وحَمَدْتُ مَنْ أَسْدى الرُّضابَ فطالما

لمْ تَحْظَ منْهُ بقَطْرَةٍ أَكْوابُ

طوبى لمنْ جعلَ المحبَّةَ جَدْولاً

وسَقى أحبَّتَهُ فطابَ وطابوا

سبْعون عِشتُمْ مثلَها، بلْ ضِعْفَها

والحاديانِ: سَلامةٌ وصَوابُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد العزيز الرفاعي

avatar

عبد العزيز الرفاعي حساب موثق

السعودية

poet-abdullaziz-al-rifai@

2

قصيدة

101

متابعين

عبد العزيز بن أحمد الرفاعي ، أديب وشاعر سعودي، يُعد من أبرز أعلام الأدب السعودي، ولد عام 1342 هـ / 1923م ، في مدينة أملج على ساحل البحر الأحمر وانتقل بعدها ...

المزيد عن عبد العزيز الرفاعي

اقرأ أيضا لـ عبد العزيز الرفاعي :

أضف شرح او معلومة