لقد لفَظَتْنا البلاد

كما يلفظ البحر جيفته فيضيق بها

ثم يلقي البقايا على شاطئ الموت

دون حراكٍ

ويدفعها الموج

في صلَفٍ

لتضيعَ فترسُو

بعيداً.. بعيدا

 

لقد فجَعَتْنا البلادُ بنا

فبَقِينا سطورا

على دفتر النازحين

نَسيرُ تُجَاهَ النهايةِ

سيراً وئيدَا

 

حنانيْك يا بحرُ

بالغرباء

فليس لهم دون موجِك دارٌ

وما عاد يَحمِلُهم لِسواكَ الحنينُ

فما بالكَ اليومَ

تبدو عنيدَا

 

لقد أرهقَتْنَا البلادُ

فَطِرْنا

لِننسِجَ أعشاشنا في العراء

قَطاةً

تُناهِبُ أفراخَها بنتُ آوى

تعودُ تُلملمُ ما قد تبقى بها

من بقايا الفجيعةِ

تبحث عن فرصة للحياةِ

وتنصبُ في الأرض

عُشّاً جديدَا

 

يقول الغريب

لساعي المحطّة لا تُغْلِقِ الباب

قبل امتلاء المقاعد

علّ غريباً جديدا

يجيءُ

وقد لفظَتْه البلادُ

كما لفظَتْنَا

يُطلُّ علينا

يشاطرنا لقمة الحزن

كي لا يظلّ وحيدَا

 

لقد أنهَكَتْنا البلادُ

ولم ننسَ أنّا فُطِمْنا

على حبّها ذاتَ شوقٍ

نُعاقرُ حرفَ الرجوع إليها

ونَنْظِمُ في وجنتيْها القصيدَا

 

وكنّا

تساورنا أمنياتُ الطفولة

حتى نعودَ نزقزقُ

فوق الغصون

بريئيْن

نبحث عن فسحةٍ من هواها

فكانت تكشّر في وجهنا

وتكسّرُ منّا الزّنود

وتقْطعُ منا الوريدَا

 

ستبقى البلاد ملاذ الغريب

وإن لَفَظَتْه

سيبقى يحدّق في مقلتيها

ويهفو إلى ثديها

لتُرضعه إذ تجوعُ به السنواتُ
فيرجعَ بين يديها وليدَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن حسن جلنبو

حسن جلنبو

184

قصيدة

• مواليد الأردن - عمَّان. • بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، جامعة مؤتة 1994. • ماجستير في النقد والأدب، جامعة مؤتة 1998. • محرر إعلامي لدى شركة مياه وكهرباء الإمارات- أبوظبي. • عضو ر

المزيد عن حسن جلنبو

أضف شرح او معلومة