حَباكِ الله يا أمّ البيانِ
قطوفاً وارفاتٍ كالجُمانِ
وسعتِ القول في شرقٍ وغربٍ
ولمَّا تَقْصُرِي طولَ الزمانِ
بـ"قل" و"اقرأ" نرتِّلُ منكِ آياً
من التنزيل والسبع المثاني
وبالقرآن كرّمَكِ الإلهُ
فحُزْتِ الفضلَ في إنسٍ وجَانِ
ورامَ الغربُ طمسكِ دون جدوى
فحرفُكِ خالدٌ وسواكِ فانِ
أيا لغةً على الدنيا تسامتْ
جلوتُ بحرفِكِ العالي لساني
ملأتُ الكون قولاً منكِ حتى
لَيَقرأُ شاهدي قاصٍ ودانِ
أصوغُكِ في بديع النظم شعراً
وأصدَحُ باستعاراتٍ حِسانِ
أشُدُّ على كناياتي شِراعي
وأُطلقُ في مجازاتِي ظِعاني
فأمدحُ فيك أقواماً كِرَاماً
وأهجو كلَّ خَوّانٍ جَبانِ
وأرصُفُ فيكِ أبياتاً عِذاباً
بوصف الأهيفِ الحُرِّ الحَصَانِ
"زريف الطول" مكحولٍ إذا ما
بَدَا فاحتْ زهور الأقْحُوانِ
وقفتُ عليه نظمي وارتجالي
فجودي منكِ بالمعنى المُبَانِ
وقُولي للأحبّة قد تولّى
غريب الدار مشطور الجَنان
تنازعهُ على شوقٍ حنينٌ
يَبيتُ عليه مُلْتَهِبَ الجِفانِ
تُسامره الحروف ببعض بوحٍ
بأبياتٍ معتَّقَة الدّنانِ
فيسكبُها قصيداً في كؤوسٍ
مزركشةٍ بأصناف المعاني
بما قد خصّهُ الرحمن فيها
بأبياتٍ تَدِقُّ عن البيانِ
حماكِ الله يا لغةً تَعَالتْ
ويَقصُرُ دونَها عُجْمُ اللسانِ
184
قصيدة