مذ غاب عن شفتيَّ طعم الماءِ
وأنا أبُوء بلعنةِ الشعراءِ
يجتاحني وجَعُ المكانِ ولا أرى
في غربتي غيري بلا أسماء
فتَّشْتُ في كلّ الموانئ عن دِيَا
رٍ تَستفيق على خُطى الغُرَباءِ
فَوَجدْتُني وحدي على شطآنها
والموجُ يقذِفُني على استحياء
لا شعرَ يكتبُني هنا لا أصدقا
ءَ ولا نجومَ تَزُور ليل سَمائي
لا ريحَ تحمل ريحَهم لم يبقَ منْــ
ــهُمْ في صُواع العُمْر مِن رُفَقاءِ
لَمْ يبْقَ مِن وَهْج الطفولة غيرُ آ
مالٍ تنوء بغصَّةٍ وحياءِ
لم يبق مني غيرُ آثار السنيــ
ــنِ الواقفاتِ على شفيرِ رَجَائِي
والرابضاتُ معي خيالاتٌ من الْــ
أوهام والآلام والأرزاء
وحدي وهذا الماءُ يهطِلُ من فمي
فأصدُّ عن قولي وعن إنشائي
وحدي وتحكُمني تقاليدُ الدّيَا
رِ فأكتفي بالصمتِ والإغضاء
آمنتُ أنّي لا سبيل إليَّ فاخْــ
ــتَرْتُ الرحيلَ مكبّلاً بِإبائِي
سأظلُّ أصلبُني على عود الحنيــ
ــنِ أقُدُّ عن وجَعِ الديار ردائي
وأظلُّ أصنعُ كلّ يومٍ مركباً
في مَعزلٍ عن أعين الرقباءِ
فلعلّني إن فار تنُّورُ الحيا
ةِ وَلم يعد لي فسحةٌ لبقاءِ
آوي إليّ وبي بقايا شاعرٍ
يستنهضُ العلياءَ بالعلياءِ
184
قصيدة