يوميات ساعة رملية
كفراشةٍ محروقة النهدينِ
تتركك الحياة على رصيف العمر
ثم يدوسُك المارُّون
ليسوا عابئين بما تعاني من مواجعَ
أو تعاقرُ من همومْ.
كرسالةٍ سرّيّةٍ
عبثت
موظفة البريد بها
لتعلم ما تخبّئ من حنين واشتياقْ
فتبوحَ بالسرّ المعتق في جرار الصمت
ثم تعيد إغلاق الرسالةْ
وكأنّ شيئا ما جرى
لكنّ شيئا ما
سيفضح فعلها
فتبوءَ بالذنب العظيم.
كحمامةٍ
فضّت بكارتها عجوزٌ عاقرٌ
وقضت على أفراخها
قبل الخروج إلى الحياةْ
وتقول إنّ صديقةً
قد أخبرتها أنها
سقطت على غصنٍ قريب مرّةً
فرأت عشيقًا عندها
كانت تطارحه الغرام
وزوجها ما انفكّ يحتطب الشقاء
لأجلها
لتصير مثل بنات خالتها
وجارتها المقيمة في الخليج
وليس يعلم أنه
يُؤوي إليه ضغينةً
بجوًى مُقيم.
وكقطّةٍ البيت التي لم تدرِ
ما ستقول للقطّ
الذي يختال كلّ صبيحة قرب الشبابيك
المشرّعة المدى للشمس
ينظر نحوها
وبجرأةِ الحمقى يراودها
ويعلم أنها لم تلتفت
يوما إليهْ
فيموء ملءَ فحولةٍ هوجاء
ثم يموء
وهْي تشيح عنه السمعَ
كي تخفي حقيقة أنها
رضيتْ بأن تحيا الحياة
وحيدةً
مخصيّةً
في بيت سيّدةٍ
تحاول منحها بعض الهدوء
لتستلذّ بما تبقى من حياةٍ
بالبقاء بمعزلٍ عن دمعةٍ
لطمت خدود الليل حين أرادت
العيش الكريمْ.
كزجاج مقهى
ضاق ذرعا بالحكايات المكررة السخيفة
والدخانْ
يغفو على همس النراجيل الحزين
ويستفيق على نشيج الفحم
والعبق المعتق في المكانِ
كرحلةٍ بحريّةٍ
تُلقيك مع بعض الرفاق العابرين
على ضفاف قصيدةٍ عن ذكرياتٍ
كنتَ تحلمُ
أن تصير حقيقةً
عن أمنيات لم تزل تغفو على الميناء
تنتظر النوارس أن تعود إلى الشواطئ
قبل أن يغتالها صوت المراكب
في وجومْ.
وكساعةٍ رمليةٍ تقسو على الزمن البطيء
فتلعن الأوقات والساعاتِ والأحداثَ
ثم تعيد ترتيب الدقائق من جديدٍ
كي تظلّ دقيقةُ الأحلام خمس دقائقٍ
ودقيقةُ الشوق اللعين دقيقةً
ودقيقةُ الأحزان نصفَ دقيقةٍ
فتعود تنتظر البداية مرة أخرى
لتبدأ رحلة الوقت العقيم
كصديقتين اختارتا ثوب الزفاف
لتفرحا بالأمنيات السارحات على سنابل
الانتظارْ
واختارتا نفس العطور
وأحمر الشفتينِ
نفس الأغنيات
ونفس قاعة الاحتفال
لم تدرِكا
ما كان أخفته الليالي من جراحٍ
حين فاتهما القطارْ
هذا أنا
لا شيء يشبهني سواي
وأحرفي الـ ما زلت أُسرجُها
لعلّي أمتطي من صهوة الأيام
ما يكفي ليوصلني إلى قبري نقيّا
لم تخالطني البشاعة والرداءة
من تلابيب الزمان
ورحلة العمر السقيمْ.
حسن جلنبو
أبوظبي 24 / 9 / 2023.
184
قصيدة