وَطَنِي..
الَّذِي يَمْتَدُّ مِنْ أَقْصَى شَرَايِينِي
إِلَى قَعْرِ الْفُؤَادِ مُكَبَّرَا
كَمَا لَوْ أَنَّهُ رِيشُ الْملَاكِ يَرِفُّ
نَحْوَ سَمَاءِهِ مُتَحَرِّرَا
يُرَنِّحُ فِيكَ أَبْكَارُ الطَّبِيعَةِ
مُنذُ أَنْ أَنجَبْتَ جَوًّا أَخْضَرَا
وَفِيكَ نَوَاطِحٌ لَيْسَتْ بِنَاءً
إِنَّمَا الْأَمْجَادُ فِي أَعْلَى الذُّرَى
وَهَذَا السَّيْلُ لَمْ يَكُ أَبْحُرًا
بَلْ فَيْضَ حُبٍّ
مِن فُؤَادِي قَدْ جَرَى
سَجَايَاكَ الْمُشِعَّةُ كُلَّمَا فَاحَتْ
تَزِيدُ الْوَاطِنِينَ تَبَخُّرَا
لِأَنَّ اللَّيْلَ يُسْقَى مِن مَّعَانِيكَ
اسْتَوَتْ كُلُّ النُّجُومِ تَنَوُّرَا
وَمَا مَعْنَى الْحَيَاةِ
إِذَا انتَمَيْتُ لِغَيْرِ تُرْبَتِكَ النَّبِيَّةُ
يَا تُرَى
وَطُوفَانُ الْأَزِمَّةِ هَائِجٌ
هَيَّا ارْكَبَنْ قَلْبِي..
انطَلِقْ.. كَيْ تَعْبُرَا
وَيَخْنُقُنِي اشْتِعَالَاتُ الدُّخَانِ عَلَى خُدُودِكَ
عِندَ مَا تَبْكِي الْقُرَى
إِذْ مَزَّقَ الْإِرْهَابُ مِن قُبُلٍ قَمِيصَيْهَا
وَشَاهِدُ أَهْلِهَا قَدْ زَوَّرَا
إِذْ يَسْتَعِيدُ الضَّوْءُ حِصَّتَهُ
فَتَندَلِعُ الْقَوَاتِمُ بَغْتَةً
لِتُنَكِّرَا
إِذْ يَشْحَذُ التَّطْبِيعُ فِكْرَتَهُ هُنَاكَ
فَكُلُّ فِكْرٍ دُونَهُ قَدْ دُمِّرَ
إِذْ يَذْبَحُونَ هُنَاكَ
نُوقَ وُعُودِهِمْ
شَيْطَانُهُمْ كَالشَّيْخِ يَعْلُو الْمِنبَرَ
تَقَدَّمْ خُطْوَتَيْنِ وَخُطْوَةً
وَاخْلَعْ جِرَاحَكَ كُلَّهَا
يَا جَوْهَرَا
عِمْلَاقَ هَذِي الْقَارَّةِ السَّمْرَاءِ
يَا سِرَّ التَّسَامُحِ..
يَا غِنَاءً أَسْمَرَا..
يَا أَخْضَرًا يَندَى..
وَأَبْيضُهُ تَوَسَّطَ يَرْتَدِي حُبَّ السَّلَامِ
مُعَطِّرَا
وَطَنِي.. وَلَا وَطَنٌ سِوَاكَ
فَضُمَّنِي حُبًّا
كَمَا يَهْوَى الْمِدَادُ الْمِحْبَرَ
31
قصيدة