على بابِ شَهْرِ اللهِ أوقفْتُ مُهجتي

لِتقرأهُ بي للأنامِ مواقِفا

وليستْ لياليهِ وأيَّامُه سوى

كتابٍ مُبينٍ لم يُحَرَّفْ صَحائفا

بِروحِيَ يومٌ في الحقيقةِ أوَّلٌ

هُوَ الغيبُ تاهَ الوهمُ فيهِ مُكاشِفا

وفاضَ حُروفاً في الوُجودِ وصورةً

وأبْدى علوماً بيننا ومَعارفا

أقامَ بِلَمْحٍ في الخليقةِ أمرُهُ

كثائفَ بالتَّحقيقِ شَفَّتْ لَطائفا

وكَوناً على الأضدادِ شِيدَ بِناؤُهُ

فُصولَ حياةٍ تستبينا مَتارفا

وقد جلَّ موصوفاً بديعُ وُجودِنا

كما ضلَّ إنسانُ العناصرِ واصفا

وقد رتَّبَ الأربابُ في العِلمِ فَهمَهُمْ

ومَدُّوهُ ظِلّاً للبريَّةِ وارفا

وللعلمِ إعجازٌ ولكنَّ عجزَنا

تمَثَّلَ أحزاناً بنا ومَخاوفا

وكُنَّا طَلَبْنا العلمَ في النَّفسِ قوّةً

فأوجَدَنا إيَّاهُ بالفعلِ آصِفا

أدينُ بدينِ اللهِ في الكونِ واحداً

وأنتظمُ الأعدادَ بي والطَّوائفا

وآوي إلى العُشَّاقِ منهمْ ولائجاً

وأهرُبُ مِنْ أهلِ النِّفاقِ مَتالِفا

هجرتُ أباليسَ التَّعصُّبِ تاركاً

شقيَّهمُ الوغدَ اللَّئيمَ المُخالِفا

وإنِّي لَمِمَّنْ وحَّدوا اللهَ إذْ رأوا

الوُجودَ بناموسِ العُلى مُتآلفا

ولا شيءَ في قلبي سِوى الحُبِّ فائضاً

نعيماً على أبنائهِ وعَوارِفا

وآنسني مِنْ فِطرتي وحيُها فلمْ

يرُعني الهوى رعداً بسمعيَ قاصفا

ثبتُّ على حقِّي وما اقْتَلَعَتْه بي

التَّقاليدُ إذْ هبَّتْ رياحاً عَواصفا

لَقيتُ مِنَ الأيَّامِ قبلَ قيامتي

رواجفَ مِنْ ضرَّائها ورَوادفا

بكيتُ كثيراً حسرةً وجعاً وها

خلايايَ صارتْ للدُّموعِ مَذارفا

إذا ما ادلهمَّ الدَّهرُ حولي تبسَّمتْ

دَواهيهِ عنْ رَوحٍ كما البرقُ خاطفا

لأغراضِ شِعري في الحياةِ تشعُّبٌ

ولكنَّ أهلَ الذَّوقِ عدّوهُ هادفا

جراحُ يَراعي في الفُؤادِ بليغةٌ

لذلك يبقى دائمَ السَّكبِ راعفا

يراعيَ ينبوعٌ سخيٌّ بصدقِهِ

تعقْلَنَ أفكاراً وجُنَّ عَواطفا