الديوان » سام يوسف صالح » بَصائرُ ومَنائرُ

عدد الابيات : 40

طباعة

أَشْقى الدَّوَابِ على الدُّنى الإنسانُ

لَكأنَّهُ ما أُنزِلَ القرآنُ

اللهُ كرَّمَنا . وعَمَّ نفوسَنا

مِنَّا أذىً وبَلِيَّةٌ وهَوانُ

لم يُجْدِ حَدُّ النُّطْقِ شيئاً فاسْتَوى

بالفعلِ فوقَ أديمِها الحَيَوانُ

قد فاتَنا مِنْ كلِّ شيءٍ وَزنُهُ

إذْ لمْ يُقَمْ في قِسْطِهِ المِيزانُ

اللهُ ورَّثَ نَسْلَ آدمَ علمَهُ

أنَّى اسْتَبَدَّ بنسلِهِ الشَّيطانُ؟

والمُؤمنونَ بربِّهمْ سَلِموا . فما

لِقُوى أذاهُ عليهُمُ سُلطانُ

فَسَلُوا النبيَّ الهاشميَّ يُجِبْكُمُ

مِن وقعةِ الأحزابِ . ما الإيمانُ

والدِّينُ عندَ اللهِ أصلٌ واحِدٌ

في الأنبياءِ فُروعُهُ أغصانُ

والأولياءُ على الجِهاتِ توزَّعوا

وشِعارُهُمْ بينَ الورى الإحسانُ

والحُبُّ مِلءُ قلوبهمْ . والحبُّ في

نهجِ الحقيقةِ والهُدى عِرفانُ

إنْ يَفْتخِرْ بأُولي الولايةِ فارغٌ

فأنا بعينِ يقينِهمْ مَلآنُ

وأنا لِسانُ أُولي القُلوبِ يَزينُهُ

بينَ الأنامِ بلاغةٌ وبيانُ

عندي كُنوزُهُمُ وعندي سِرُّهمْ

حِرزٌ حريزٌ في الضَّميرِ مُصانُ

أنا مِنْ تُرابِ أبي تُرابٍ صُورةٌ

عنْ روحِها قد ضلَّتِ العُميانُ

أثبتُّ مَحوَ أنايَ حتَّى لمْ أعُد

شيئاً . فكانَ وُجوديَ الرَّحمنُ

للأنبياءِ بَصائرٌ ومَنائرٌ

يَسري بها في عُمقيَ الوجدانُ

عَقلَنْتُ فلسفةَ الحياةِ بخاطري

فأنا لدى أقطابِها اليُونانُ

ليلي مسيحيُّ الرُؤى . وظلامُهُ

الجِلبابُ مُلتَفٌّ بهِ سَمعانُ

وسراجيَ الإنجيلُ يُؤنسُ وحدةً

لمْ تُغنِ في إيناسِها الأوطانُ

لِلعلمِ بي فلَكٌ دَرَاريهِ ازْدهتْ

ألقَاً . ومُتَّزِنٌ بهِ الدَّوَرانُ

العُمْرُ حُلْمٌ فيهِ يَغرقُ ساعةً

فإذا الفتى بِهُنيهةٍ يَقظانُ

والعُمرُ متَّسَعُ المَدى لأُولي النُّهى

واليومُ في أذواقِهمْ أزمانُ

ولرُبَّما اتّحَدَ الزَّمانُ فبَسْطُهُ

المقسومُ في قبضِ البَداهةِ آنُ

لا يستحِقُّ العيشُ منَّا حُزنَنا

الحُزْنُ أحياناً بهِ إذعانُ

إنَّ الحياةَ على الحقيقةِ جُذوةٌ

قُدسيَّةٌ في النَّفسِ واطمئنانُ

عِشْ فِطرةَ الرَّحمنِ فيكَ سَجيَّةً

ومِنَ السَّجايا عادةٌ ومِرانُ

والنَّفسُ أصلاً حُرَّةٌ في طبعِها

ومِنَ المكاسبِ تُخلَق الأسجانُ

وبسيطةٌ في ذاتِها لكنَّما

التعقيدُ شانٌ ما لها بهِ شانُ

والمالُ ليسَ المالُ غيرَ وسيلةٍ

رِبحُ الحريصِ بجمعِهِ خُسرانُ

وإذا تَحوَّلتِ الوسيلةُ غايةً

نُقِضَ الأساسُ وهُدِّمَ البنيانُ

لا تَحمِلَنْ هَمَّ الحياةِ وغَمَّها

فكفيلُكَ الحنَّانُ والمنَّانُ

وكُنِ الوفيَّ لأصدقائِكَ . إنَّهمْ

مِنْ جنَّتَيكَ الرَّوحُ والرَّيحانُ

ودَعِ الأذى للنَّاسِ . إنَّك ميِّتٌ

واليومَ ظلمُكَ . في غدٍ نِيرانُ

وذَرِ افْتخارَكَ بالحُطامِ .ولا يكُنْ

قارونُ فيكَ ولا يكُنْ هامانُ

فَبِلحظةٍ تتحَطَّمُ الأسماءُ و

الألقابُ والشَّهَوَاتُ والأبدانُ

فالموتُ حيٌّ فيكَ بلْ إنِّي أرى

للتّوِّ كيفَ تَلفُّكَ الدِّيدانُ

هذا الضَّعيفُ الهَشُّ . أوهَنُ عِلَّةٍ

منها سَيَسْكُتُ قلبُهُ الصَّوانُ

والجَهلُ سُمُّ النَّفسِ . يقتُلُها إذا

أمسى لهُ في نفسِها جَرَيانُ

والعِلمُ ليسَ الحِفظَ . بلْ هُوَ فِطنةٌ

بَطنَتْ . ووَعيٌ واثقٌ . وحَنانُ

فَالْزمْ حُدودَكَ ما اسْتطعتَ فحِكمةُ

الأيَّامِ فيكَ وربُّها لُقمانُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سام يوسف صالح

سام يوسف صالح

8

قصيدة

- شاعر وكاتب وباحث سوري من مواليد سنة ١٩٨٠م قرية الدليبات التابعة لناحية حرف المسيترة في منطقة القرداحة من محافظة اللاذقية . - درس اللغة العربية وآدابها في جامعة تشرين في اللاذقية . - شارك

المزيد عن سام يوسف صالح

أضف شرح او معلومة