عابرةٌ
قُلْتُ عِنْدَ الذّهَابْ
رَاحِلٌ لا إِيَابْ
وَمَشَيْتُ أُسَايِرُ مَنْ يَتَصَنّعْ
أتَلَحّفُ مَكْتَبَتِي كَوَحِيْدٍ يَرَى البُعْدَ جَنّةً
وَطَنِي خَيْبَةٌ مُضْجَرَة
أَسْتَعِيْرُ مَلامِحَ صَمْتِ الضّبَابْ
وَتَسِيْرُ السّنِيْنُ، وَيَبْقَى العِتَابْ..
وَحْدَهَا الشّمْسُ تَسْألْ:
منْ تُرِيْدُونَ أنْ أَكْشِفَ اليَومَ عُهرهْ؟
كُلّكُمْ تَشْتَرُوْنَ الكّذِبْ
تَتَنَاسَوْنَ حقّاً بوهْمِ غضبْ
هَكَذَا يا عربْ!
فَاكْنُزُوْا غَدَكُمْ
إنَّمَا الكَلِمَاتُ سَرَابْ..
***
أَخْبَرَتْنِي وَقَالَتْ قُبَيْلَ حُلُوْلِ المَسَاءْ
أَنَّهَا عَابِرَةْ
قُلْتُ أَهْلاً وَسَهْلاً بَأَخْطَائِنَا العَامِرَةْ
إنْ تَكُونُ النّجُوْمُ بِأَحْزَانِهَا مُسْهَدَةْ
مَنْ يَقُوْلُ لَهَا أَنّها فِيْ الفُؤَادْ
تَجْلسُ اليَوْمَ دُوْنَ أحدْ
والفِرَاقُ حِدَادْ
قُلْتُ قَبْلَ الوَدَاعِ الأَخِيْرْ
مَنْ تَكُوْنِيْنَ يَا شَاعِرَةْ؟
جَاوَبَتْنِي بِهَمْسِ المَحَارْ
"الحَيَاةُ أَنَا"
الحَيَاةُ التِي تَرَكَتْنِي لِبَحْرِ المَمَاتْ
الحَيَاةُ التي أَيْقَظَتْنِي لِأَرْمِي أَخِي عَبْرَهَا
دُوْنَ أَنْ نَرْقُصَ الرَّقْصَةَ الْحَاسِمَةْ
وَأَخِي يَعْشَقُ البَحْرُ والبَحْرُ يَعْشَقُ شُبَّانَنَا
وَأَنَا أَذْرفُ الشّوْقَ لَهْ..
أَيُّهَا البَحْرُ قُلْ:
حَاقِدٌ أَنْتَ أَمْ أَعْجَبَتْكَ الدّمَاءْ؟
وَلِمَاذَا أَخَذْتَ أَخِي؟
كَانَ يَرْغَبُ بِالْحَيَاةْ
الحَيَاةُ التي لَمْ تَزَلْ عَابِرَةْ
عَاشَهَا بِالأَمَلْ
ثمَّ سَافَرَ فِي مَوْجَةٍ جَائِرَةْ
دُوْنَ أَنْ يَسْتَغِيْثْ
والحَيَاةُ مَشَقّةٌ
والحَيَاةُ مَشَقّة
والمُحِيْطُ مَتَاهَةٌ قَاهِرَةْ
53
قصيدة